الاثنين، 8 نوفمبر 2010

لا .. يا صاحب  " رصيف القيامة "     التعري انتقال من الآدمية الى البهيمية ..
             وليس جرأة فنية ..!

كنت قد اكتفيت سابقا، بمقال متواضع فيما يخص الفعل المشين، الذي أقدمت عليه لطيفة أحرار مؤخرا، بقاعة دار الثقافة بمدينة مراكش، حيث بكل جرأة، بل بكل - قلة حياء – وكل استخفاف بالجمهور، تجردت من ملابسها فوق خشبة المسرح، حتى أصبحت أمام أنظار المتفرجين في وضع لاتقبله العين المغربية، بل الإسلامية .. قلت كنت سأكتفي بما أوردته في مقالي الذي اتخذت له كعنوان : " السلوك اللاحضاري الذي أصبحت تعرفه ساحتنا الفنية، يتنافى وديننا الحنيف "  أسوة ببعض الزملاء، الذين ساهم كل واحد من جهته، ولكن ما دفعني إلى العودة ثانية إلى هذا  الموضوع، هو دفاع بعضهم عن الممثلة المذكورة، والإشارة إلى أن ما قامت به يعد فنا، وأن أحدهم نعث  الذين انتقدوها ب. نباحين، انه السيد المختار لغزيوي، الذي ذهب إلى تصفية حساباته مع جهات معينة، لما أتيحت له الفرصة الذهبية، مثمنا عمل لطيفته لحاجة في نفسه، بينما أصدر حكما على الذين اختلفوا معها بالجهل والرداءة، وأشياء أخرى من هذا القبيل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل جاء في الصف الثاني من قال لنا، جرأة العرض فنية بالأساس، انه صاحب المجموعة الشعرية " رصيف القيامة " التي اشتغلت عليها الممثلة المشار إليها أعلاه، وأخبرنا مشكورا، الأديب ياسين عدنان، بأن لطيفة أحرار لها إيمان قوي بأهمية حضور الجسد على الخشبة ! ( أقول له نعم .. لاأحد  يجادل في هذا، ولكن شرط  أن لايكون ذلك على حساب الأخلاق، وإفساد الذوق العام )، وقد أشفق عليها المسكين من قسوة الاتهامات التي وجهت إليها من بعض الغيورين عن ديننا الحنيف
وفي عزهذه
الفوضى الفنية، التي تقوم بها ممثلات مغربيات، أجدني مضطرا لطرح سؤال فرض نفسه في هذا الوضع،  وهو أين دورالنقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالمغرب، التي من واجبها حث العاملين في الحقل الذي تناضل فيه على احترام المتفرج المغربي، والعمل على تقديم أعمال تليق بمقامه، ولا تسيء إلى الذوق العام، وتراقب في نفس الوقت الذين تسول لهم أنفسهم  الضحك على الذقون، أوالذين يهوون سلك طريقة ( كور واعطي للعور). 
في
الحقيقة هذه فوضى .. وان من يساهم فيها بقدر وافر، هم أولائك المتطفلين والانتهازيين، ومقتنصي الفرص لتأسيس الثروات المادية الخاصة على حساب قيم الفن، وهم في الأصل، لاوجود في منطقهم  ولا حساب في اعتباراتهم للفن الصحيح، الذي يؤسس للحضارة، ويشيد بوجود الإنسان، وفي غياب التأطير القانوني والفاعل الذي تعاني منه الساحة الفنية بوجه عام ببلادنا، نجد أن بعضهم  يتمادى في محو آثار حضارة هذا البلد، والوصول إلى مبتغاه بأسهل الطرق، في ظل اكتفاء الجهات المسؤولة عن القطاع ( وزارة الثقافة ) بالتفرج من بعيد على المهازل التي تقع في الساحة باسم الفن، وهذا ما يفسح المجال للاهثين وراء الأرباح السريعة، لاقتناص الفرص المواتية  لكي يعمدوا إلى تذمير أذواق أهل البلد .. وإفساد أخلاق شبابه الذي يعول عليه مستقبلا، وذلك من خلال ما يقدمونه من أعمال أقل ما يقال عنها أنها تخدش الحياء، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، أو بمعنى صحيح  .. أعمال سوقية، لامحالة ستدخلهم إلى مزبلة التاريخ.
وما زاد الطين بلة، أنها (لطيفة) أشارت في تصريحها عقب قيامها بفعلها
الذي استاء منه الكثيرون، لإحدى الجرائد، بانها قدمت عرضا قريبا من الجمهور، أي قرب هذا الذي يفتقد فيه الحياء، الذي هو من صفات الإيمان، والذي يصد صاحبه عن كل قبيح، والذي هو أيضا خلق من مكارم الأخلاق، ويدفع المرء إلى مراقبة اللـه عز وجل ..؟ ورحم اللـه امرأة كانت فقدت طفلها، فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها، فقال أحدهم: " تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها" فسمعته فقالت له : ( لأن أرزأ في ولدي، خير من أن أرزأ في حيائي، أيها الرجل ) سبحان اللـه .. أين لطيفة أحرار وغيرها من بعض ممثلات  هذا العصرمن هذه المرأة ..؟!
وان من يرى أويسمع عن هؤلاء، يدافعون عن ما قدمته أحرار
من " مسخ " - هذا المسخ الذي لم يشهد مثله قط المسرح المغربي -، يصطدم بحقيقة مرة،  ويخيل له أن أبناء هذا الوطن الأحرار فعلا، قد قرأت على أرواحهم الفاتحة، حتى تتجرأ ممثلة على التعري أمام الملأ، وفي قاعة تحمل اسم " قاعة الثقافة " وفي مدينة يوسف ابن تاشفين، (ياحسرة ..!)  ولكن .. وبكل أسف، وحسب ما يلاحظ، فهذا شيء مقصود، وذلك لسببين أولهما: القضاء على من لايزال يصارع من أجل ازدهار ا لوسط  الفني ببلادنا، وأما ثانيهما، وهذا هو مربط الفرس، فهو إعطاء الضوء الأخضر لأعداء الفن، لتمرير سلعهم الفاسدة، التي يطمحون من ورا ئها  إلى تكديس الثروات على حساب قيمنا وأخلاقنا.
فمتى إذن يستيقظ الذين بيدهم زمام الأمور، ليتداركوا السفينة قبل
وصولها إلى الدرك الأسفل ..؟ ومتى ينتفض أهل المسرح، ويعلنون جهارا براءتهم من الممثلات السافلات ..؟.
24 اكتوبر 2010

السلوك اللاحضاري
الذي أصبحت تعرفه ساحتنا الفنية،
يتنافى وديننا الحنيف    

إن أهم شيء يفرض الفنان - كان ملحنا .. مغنيا .. أو ممثلا- على المتلقين هو إبداعه الرائع، وألحانه العذبة، وصوته الذي يتغلغل ويصل إلى شغاف القلوب، ويلامس الأرواح بعذوبته .. وأداؤه، وتقمصه الحقيقي للشخصية الذي يجعل المتفرج يهيم بخياله في عوالم شتى، بما فيه من روعة وإحساس مرهف.
      لكن من أين لبعض فنانينا - كان اللـه في عونهم- بذلك، وهم الذين لا يفقهون شيئا، لا بالنسبة لمهنتهم كفنانين،
( يا حسرة) أو كعناصر في وسط المجتمع المدني، ولا يتوفرون على الثقافة العامة، لأن معظمهم تسيطر عليه الأمية والجهل، الجهل .. الذي يعد عارا، طبقا للمثل التالي: " العلم نور و الجهل عار" ومادام أن واقع الفنان الحق يحتم عليه أن يكون مبدعا رائعا .. فهذا أيضا يلزم عليه أن يكون مثقفا، وليس مثقفا وحسب، بل مطلعا على جميع الثقافات، و ملما بجميع الميادين، حتى يتمكن من أن يستأسد  في مجاله، ولا تختلط عليه الأمور، ويفقد توازنه،
وهذا ما يجره غالبا إلى الانزلاق، حتى يحيد عن الصواب، وربما يحصل ما لا تحمد عقباه، وهذا كثيرا ما يقع في عدة محافل، بحيث يقع في الفخ كل فنان (عاجبو راسو) يشارك في كل المجالات، و يصر على الظهور في كل المناسبات، ويلهث في كل الاتجاهات مدعيا النبغ، ولكن يحدث أن يعمي الجشع أعين الذين يبحثون عن الثروة من وراء ما يقدمونه من (فن)، ويذهبون فجأة ودون سابق إعلام إلى الهاوية، وطبعا هذا يعود إلى جهلهم وفراغ جعبتهم .
    ولايفوتني من أن أوجه هنا رسالة قصيرة .. و مهمة جدا،  ومتواضعة في نفس الآن، إلى معشر الفنانين الذين يعجبهم أن تطلق عليهم عبارة " فنان" - وهذا حقهم بطبيعة الحال - اعلموا أيها السادة، أن الفنان يحتاج إلى فن لخلق فنه .. ويحتاج إلى نضوج يدفعه إلى التألق والنجومية، وليس الخواء والبرتكولات الواهية، هي التي تميز الفنان، أو التي تجعله يصل إلى الناس، وليعلم هؤلاء .. أن مقياس تقدم الشعوب وتفوقها، يرتكز على عطاءات فنانيها المتميزة، وعقلياتهم المتزنة
      ولم يدفعني إلى هذا الاستهلال، إلا الصور المشينة التي ظهرهن بها بعض فناناتنا من الممثلات، وهن على التوالي: سناء عكرود، التي سمحت لنفسها أن تظهر في لقطات جد حميمية في فيلم " احكي يا شهرزاد " مع الممثل المصري محمود حميدة، مشهد يخدش الحياء .. مشهد لم يألفه المغاربة .. مشهد تتقزز منه النفوس، ودون حياء، ولم يهرب الدم من خديها، وفي تصريح لإحدى اليوميات، قالت عكرود عن الوضعية الساخنة التي جمعتها مع محمود، أنها  عادية مادامت مرتبطة بعلاقة زوج وزوجته، ولم تقف قلة حيائها عند هذا الحد، بل زادت  ودافعت عن لقطاتها الإباحية، وقالت إن هذه اللقطات العارية، هدفها تعرية ما يوجد في الواقع، وأن طرح الموضوع بهذه الجرأة هو شجاعة، ( وشجاعة هذي في قلة الحيا ) وبهذا تكون صاحبتنا قد ضربت كل ما بذلته من مجهودات في ميدان التمثيل عرض الحائط
      أما الفنانة منى فتو .. فهي الأخرى، التي ربما اشتدت عليها الحرارة وضايقتها، وأرادت أن تتخلص من ثيابها، فواجهت الجمهور ب. "لباس السهرات"، الذي سمح للأعين برؤية ما تحته مباشرة، وهذا في الحقيقة فن جديد على المغاربة، ولم تتعود عليه أعينهم التي اعتادت رؤيته فقط في لقطات أفلام أجنبية، فحبذا لو فكرت قليلا قبل الظهور بمثل هذا اللباس، وحافظت على سترها وعفتها، وأعفت العباد من الاطلاع على عورتها. ولكن الفضيحة العظمى،  التي جاءت بمثابة الطامة الكبرى،  وغطت كل فضائح فنانات هذا الزمن الأغبر، فهي الفعل المشين الذي قامت به  لطيفة أحرار، التي أخرجت وأدت بقاعة دار الثقافة الداوديات بمدينة الحمراء مؤخرا، عرضا تحت عنوان " كفر ناعوم " حيث فضلت المسكينة أن تعمل بالمثل القائل  " خالف تعرف " وفي حين  غفلة من المتفرجين، الذين كانوا ينتظرون أداء جيدا وفنا جادا، سارعت لطيفة إلى خلع سروالها أمام الملأ دون حشمة،  ودون أن تفكر فيما سيخلفه تهورها هذا من أذى للذوق العام، ولم يكفها نزع السروال، ولكن استرسلت  في نزع ما تبقى من ثياب حتى أصبحت وكأنها تستعد للسباحة في مياه شط من شطئان العري
      أرى و يرى معي كل الملاحظين، أن هذا السلوك اللاحضاري، الذي أصبحت تعرفه ساحتنا الفنية، يتنافى وديننا الحنيف، وتقاليدنا وعقيدتنا، وهو بعيد  كل البعد عن  سلوك وأساليب من سبقونا .. حين كانت قيمة الفنان قوية بأعماله الجيدة، وسيرته الشخصية التي لا غبار عليها،- وليس بفضائحه -  وكانت خطواته واثقة ومدروسة، لهذا ثبت أنه عندما يكون الإنسان فنانا فهذه ميزة، وعندما يكون مثقفا فهذه أيضا ميزة أخرى، ولكن عندما يكون فنانا ومثقفا في آن واحد، فانه يكون قد تعدى حدود المميزات إلى قمة الإبداع، ولكن ما أكثر الذين (عاجبينهم روسهم ) يدعون ملكية الزعامة والريادة في كل شيء، وهم في الحقيقة ليسوا إلا متطفلين، لا يخجلون أبدا .. يملكون ( الصنطيحة ) ويدافعون لنصرة مواقفهم الخاصة، حتى ولو كانت تتنافى وتتناقد مع الروح الفنية، ومع ما تنتظره الجماهير المتلقية منهم.
      و كما قال الشاعر الانجليزي صاحب القصيدة الشهيرة  " أغنية إلى الريح الغريبة ": ... إذا حل الشتاء هل يمكن للربيع أن يكون بعيدا جدا ..؟! و أقول أنا في مقالتي هاته: إذا وصلت الوقاحة بممثلاتنا المغربيات إلى أن يرمين بالحشمة والوقار جانبا، ويتشبثن بالعراء من أجل الظفر بأدوار تدر عليهن المال الوفير، هل يمكن انتظار تدمير كافة مقومات الوطن الفنية والمعنوية طويلا ..؟!
      في واقع الأمر، إن أفعال الممثلات الثلاث .. تعد اهانة لرواد الفن المسرحي، الذين ناضلوا أمدا ليس بالقصير، من أجل تكريس الاحترام للفنان المغربي، وتمكينه من أن يرفع رأسه عاليا، ومن العار الكبير أن يتجرأ بعض مرضى النفوس، وعديمي الضمائر، ويحولوا بين عشية وضحاها، كل ما تحقق بمجهود جبار إلى سلوك مقرف يفسد الواقع الفني، بما يقومون به من أعمال قد لا تزيد من رصيدهم الفني أكثر مما تسيء لهم.
      وإسهاما مني .. وأنا أدلو بدلوي، كما سبقني إلى ذلك زملاء آخرين، لا يسعني في ختام هذه الإشارة المتواضعة، إلا أن أقول: " للـه في خلقه شؤون "




غير جي وكون
وزير أول ..!

في خضم الزيادات الصاروخية التي سقطت فجأة على السوق المغربي، وقعت عيناي على صورة لطيفة، وناذرة في نفس الوقت، وخبر لطيف، يتعلق بموضوع الخبز .. يدخل البهجة والسرور على قلب المرء، وينسيه هموم الدنيا الفانية، التي إذا كثرت تصيب الإنسان بنوبة ضحك، عملا بالمثل الشعبي "الهم إلى كثر كيضحك" - الصورة والخبر معا - استوقفا انتباهي في الصفحة الأولى من إحدى الجرائد اليومية، التي تخبر قراءها بأن الوزير الأول يستقل سيارته، ويقودها بنفسه في أحد شوارع المدينة المزدحمة، دون حراسة ولا مرافقين، وقد صادف في طريقه أحد المواطنين العاديين، الذي كان بالمناسبة يمسك بيده خبزا .. فابتسم في وجهه وصافحه، وتفاصيل الخبر كما جاءت في الجريدة، فهي في السطور التالية:

في جولة بشوارع المدينة المكتظة بالسيارات والراجلين الغادين والرائحين، استقل السيد رئيس الوزراء سيارة قادها بنفسه، وأثناء مروره بأحد الشوارع، شاهد مواطنا يسير في الطريق ويحمل في يده خبزا، توقف السيد الوزير الأول بالسيارة بجوار المواطن، وسأله والابتسامة تعلو محياه: - كيف هي أخبار الخبز ؟- رد المواطن: الحمد للـه بخير ..! فقال له رئيس الوزراء هل انتظرت طويلا أمام المخبزة للحصول عليه ؟ أجاب المواطن لا .. الحمد للـه الخبز متوفر بكثرة ..! انتهى الحوار بين المواطن والوزير الأول الذي يهمه كثيرا الاطلاع على أحوال المواطنين ببلده.
لقد قرأت الخبر اللطيف أكثر من مرة، وأخشى ما أخشاه أن يصيب من سيطلع على مستهل موضوعي هذا ما أصابني، لأن الوزير الأول المشار إليه، لم يكن وزيرنا الأول المغربي، السيد عباس الفاسي، بل انه ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، هو الذي قام بهذه المبادرة .. ولنا أن نتساءل ونحن نعيش هذه الأيام أوضاعا لانحسد عليها، المتمثلة أساسا في ما يتطلبه الحصول على كسرة خبز من مجهود جبار، وما عرفته الأسعار من غلاء و بصورة متزايدة، بعد مرحلة دخول مدونة السير الاستقلالية حيز التطبيق، وما جلبته هذه الأخيرة من ويلات .. وما ترتب عنها من مخاوف، بحيث أن السائقين .. وبخاصة سائقي سيارات الأجرة، وكذا مهنيي الشاحنات، الذين آثروا البطالة، على الإلقاء بأنفسهم إلى التهلكة، تهلكة الغرامات الجائرة، وخصم نقط رخصة السياقة، وما دار من حديث حول الرمي بالمتسببين في حوادث سير مميتة في السجون وما .. وما .. الخ، في هذا الظرف المشحون، هل فكر السيد رئيس حكومتنا، أو أحد الذين يدورون في فلكه، هل فكروا جميعا في النزول إلى أرض الواقع لتفقد أحوال المواطنين، الذين قُهرت قدراتهم الشرائية، وأتت موجة الغلاء على أجمل ما في نفوسهم كبشر .. سيما أن الحديث عن ارتفاع الأسعار، بات أمرا مقلقا ومرهقا، حيث طال فئات الشعب المحدودة الدخل، فما بالك بالذين لادخل لهم ولا هم يفرحون .. ؟ لأنه إذا دقق المرء النظر في وجوه هؤلاء، يجد ملامحهم كلها تجهم وعبوس .. ولسان حالهم يقول:  " اللهم إن هذا منكرا "، لأن كل ما هو صالح لزادهم اليومي تتناثر منه شرارات النار .. فالزيت، والسكر والشاي، وحتى الدقيق .. هذه المواد المكونة للوجبات الرئيسية التي تقتات بها الأسر المسحوقة، كل يوم تصبح بسعر جديد، ناهيك عن الخضر التي أصبحت الملاذ الأخير لهؤلاء المواطنين المغلوب على أمرهم، أصبح أمر الوصول إليها ليس بالهين، وذلك من جراء ما أصبحت تعرفه الأثمان التي لااستقرار لها، في غياب المراقبة الصارمة، وما آل إليه الوضع بعد فاتح ( غلاب ) عفوا فاتح اكتوبر، وأما المستلزمات الأخرى، من ملابس وخدمات الخ .. فحدث ولا حرج.
وواهم من يتخيل أن المالكين لزمام الأمور ببلادنا، يعيرون أدنى اهتمام لهذه الحالة، أو يمكنهم أن ينزلوا من أبراجهم العاجية، ليقفوا على هموم الشعب الذي على متنه وصلوا إلى مراكز القرار، ( الكرش الشبعانة ما تسو ...) وهذا يؤكد فعلا فشل هذه الحكومة في أداء واجبها نحو هذا الشعب الصبور، الذي يتحمل في صمت، - واني لأعجب ممن لايجد قوت يومه، ولايخرج إلى الشارع شاهرا سيفه في وجه الناس ..!- وفي خضم هذا الوضع القاتم، نجد هم الحكومة الموقرة الوحيد، هو العمل على اغناء الغني، وإفقار الفقير .. وكمثال على ذلك، تطبيق مدونة السير الجديدة ضدا على وضعية شوارعنا وساحاتنا، وعلى حساب عرق جبين الكادحين من أبناء شعبنا، رغم أن مستوياتنا على جميع الأصعدة لاترقى إلى مستويات الشعوب التي اتخذتها الحكومة في شخص وزيرها في النقل والتجهيز نموذجا، الذي يدافع عليها بكل ما يملك من قوة، بحيث يعزي موجة الغلاء إلى المضاربات واحتكار التجار للبضائع، وليس السبب فيها هي مدونته المشؤومة، ولم يدر بخلد الحكومة أبدا، ما قد يسببه هذا التعامل من دمار إن عاجلا أو آجلا .. لأنها تناست الدور الأساسي الذي عهد لها لعبه، والمتعلق أساسا بتوفير لوازم العيش الضرورية للمواطنين، والمحافظة على قدراتهم الشرائية، حتى تكون الأسعار ملائمة للفتات الذي يتسلمونه آخر كل شهر، كأجر على ما يبذلونه من مجهود جبار في العمل، هذا بالنسبة للمحظوظين الذين يتوفرون على منصب عمل، وهكذا ودون التفكير في وضعيات العاطلين الاجتماعية، أقدمت – حفظها اللـه - على تطبيق مدونة دون توفر الشروط المتوفرة في البلدان التي صدرتها لنا .. لا من حيث الوعي، و لا من حيث الدخل، ولا حتى من حيث نزاهة المنوطة بهم مسؤولية المراقبة.
وما دمنا بشر .. نحتاج من حين لآخر إلى الابتسامة .. والسخرية، لننسى همومنا التي لاتقوى حتى الجبال على حملها، لذا نجدها فرصة، لنرسم على شفاهنا ابتسامة في ظلمة مستنقع الفساد، وسوء التدبير، لنطلقها صرخة مذوية تحمل السؤال التالي : هل مثلا، يستطيع السيد عباس الفاسي، الاقتضاء بالفعل الذي أقدم عليه رئيس وزراء بريطانيا ..؟ الجواب لا .. ربما يتساءل متسائل عن سر هذا التشاؤم، أجدني مضطرا لقول، هذا ليس تشاؤما، بل هناك أسباب متعددة فرضت هذا الجواب، منها على سبيل المثال، أن السيد الوزير الأول، لايجرأ على مواجهة المواطنين، الذين تعاهد معهم على الكثير من الأمور إبان الحملة الانتخابية التشريعية الأخيرة، ولم يف سيادته بوعوده، ثم أنه لم يعمل بتاتا على تطبيق برنامجه الانتخابي، الذي سطره قبل الاستحقاقات التشريعية .. ولازالت حتى الآن جموع المواطنين تنتظر تنفيذ ما جاء في التصريح الحكومي،  و .. و .. ناهيك عن الثقل الذي يحمله ( المسكين ) على عاثقه، والذي يرجع إلى مخلفات فضيحة النجاة الشهيرة التي تعد (صفقة القرن)، التي لازالت تلاحقه، بل وستلاحقه ما دام حي يرزق، وما واكب ذلك من صمت حكومي مطبق، رغم ما عرفته القضية من انتحارات ذهب ضحيتها العديد من الشباب، جراء اليأس الذي أصابهم، وبما أن هذه الكارثة وقعت في بلد اسمه المغرب، يعيش في عهده الجديد، يجب أن لايطوى ملفها دون مساءلة المتورطين فيها كيف ما كان شأنهم ومستواهم، لأن الضحايا، منهم من قضى نحبه   ومنهم ينتظر .. وهلم جرا، أضف إلى ذلك ملف الراحلة عائشة المختاري وما سيعرفه من ( تجرجير) أمام القضاء الزجري " اللهم لاشماتة" ولهذه الأسباب و من أجلها .. يتوجب على المواطنين المغلوبين على أمرهم، أن يتوجهوا إلى خالقهم بالدعاء التالي : " اللهم لانرجوا رد القضاء، ولكن نرجوا اللطف فيه " وينتظروا حدوث معجزة، ولو أن عصر المعجزات قد َولّى .. إذن أريد أن أقول بعبارة صريحة، عليهم بالصبر ما دام أن الصبر مفتاح الفرج، ولعل اللـه يحدث بعد ذلك أمرا.
18 اكتوبر 2010





على هامش تطبيق مدونة السير الجديدة
               هنيئا ل. غلاب
الذي غلب المغاربة أجمعين ..!

لايمكن لمغربي واحد لديه الحد الأدنى من الرشد أن يتجاهل قضية حوادث السير بالمغرب .. الحرب التي تحصد العديد من أرواح الأبرياء كل يوم وليلة، بل وكل لحظة من اللحظات .. أجل إن هذه حقيقة لايمكن إنكارها، وكذلك لايمكن تجاهل عدد الحملات المنسباتية للتحسيس بأخطار الحوادث، التي نظمت وتنظم من أجل القضاء على هذه المعضلة، التي تخلق سنويا العديد من القتلى، وتكون السبب في ازدياد عدد الأيتام والأرامل، ناهيك عن ما يترتب عنها من أعداد هائلة من الجرحى وذوي العاهات المستديمة، ولكن للأسف الشديد لم يكتب لها النجاح، وهذا راجع إلى عدة جوانب، منها على سبيل المثال .. حالة الطرق التي تعد السبب الرئيسي في خلق هذه الحوادث، ثم العنصر البشري الذي لايحترم قانون السير، أخيرا الحالة الميكانيكية لوسائل النقل، وهذه الجوانب مجتمعة دفعت الدولة في شخص وزارة النقل والتجهيز للبحث عن الحل الناجع للقضاء على هذه الآفة الخطيرة التي تهدد المجتمع في أعز ما يملك .. وعليه، فقد سطرت فيما سبق استراتيجية جديدة أملا في وضع حد لهذه الحرب الضروس، وهذا أمر نشجعه ونباركه .. ولكن الجدل الواسع الذي أثاره مشروع السير والجولان - الذي فصل على غير مقاس المواطنين المغاربة - وخضع بسرعة قياسية للدراسة في قبة البرلمان دون علم المعنيين بالأمر، قلت الجدل الذي أثاره المشروع في مختلف أوساط المجتمع، سياسية .. جمعوية .. ومهنية والاضرابات التي اتخذت في حينه من طرف المهنيين حول البنود المشددة الخاصة بردع المخالفين (المتهورين) الذي غلبت عليه روح الزجر، وكذا العديد من النقاشات والمجابهات بين الوزارة والنقابات المهنية، هذا كله يجعلنا نتساءل، لماذا ابتكار سبل تشديد العقوبات على السائقين، دون النظر إلى المجال الطرقي، الذي سبق وقلت بأنه هو السبب الرئيسي والمساهم الأول في وقوع هذه الحوادث المميتة..؟ بدل توجيه اللوم فقط إلى الكائن البشري، الذي هو في نظر الجميع المرتكب للأخطاء التي تترتب عنها الحوادث .. وهو المسؤول المباشر عن إزهاق أرواح العباد التي حرمها اللـه، لماذا لانتحلى بالشجاعة ونقف وقفة رجل واحد، ونلقي نظرة شاملة على طرقنا، وخاصة تلك التي تكون في غالب الأحيان مسرحا لهذه الحوادث، التي كما هو معلوم تكبد المغرب خسائر بشرية ومادية فادحة، والتي لها النصيب الأوفر في إلحاق الخسائر بكل وسائل النقل على اختلاف أنواعها، والأعطاب التي تساعد من جهتها على وقوع الحوادث، وهذا لامحالة ناتج عن سياسة الترقيع وطريقة "اقضي باللي كاين" ويتمثل ذلك في الحفر المتواجدة هنا وهناك حتى أصبح الوضع يعرف ب. بين حفرة وحفرة حفرة..! زد على ذلك ظاهرة (Dos d'Anes) الموضة الجديدة على شوارعنا، التي أصبحت تلعب الدور الكبير في عرقلة حركة المرور، بدل تسهيله والعمل على انخفاض نسبة حوادث السير، والتي صرفت عليها ميزانية ضخمة من مال الشعب، وقد أقر وزير النقل والتجهيز بعدم قانونيتها في إحدى لقاءاته .. وحسب ما هو واضح للعيان، أن هذه العراقيل تبقى بدون جدوى، اللهم إلا خلق حواجز زادت الطين بلة، وزادت أزقتنا وشوارعنا تشوها.

وقد شدني خلال السنتين الماضيتين، منذ طرح المشروع للنقاش، وقبل عرضه على نواب الأمة في البرلمان، الحوار الذي أجرته يومية العلم في أحد أعدادها السابقة مع وزير النقل والتجهيز، حيث قال السيد كريم غلاب : "... اعتمدنا على تشخيص حوادث السير على التجربة الدولية، ودرسنا التجارب الفرنسية والتونسية والسنغالية والسعودية ..." قال ما قاله، ولم يدر في خلد سيادته أبدا ما قد تثيره هذه المدونة من مشاكل قانونية على جميع الأصعدة، ولم يعر بالا للفرق الجوهري الذي يوجد بين الدول التي استشهد بتجاربها ودروسها، وبين بلادنا .. فإذا كانت طرق وشوارع البلدان التي اتخذها السيد الوزير المحترم كنموذج، لاتشبه البتة طرقنا وشوارعنا في شيء، لامن حيث الرداءة ولامن حيث المساحات والصيانات، ولا من حيث أوضاع الطرقات، في الكثير من المدن، كما في القرى، التي هي في وضعية لا تناسب هذا القانون الصارم، ولا من حيث عدد المستحوذين على الملك العمومي، من باعة متجولين وأصحاب المقاهي المحظوظين الذين يسطون على الطريق العام ويضيفون مساحاته إلى مقاهيهم، بحيث يعملون على تضييق الشارع العام المخصص لمرور السيارات وغيرها .. ولا من حيث دخل المواطن المغربي المغلوب على أمره، الذي يستل لقمة عيشه وعيش فلدات كبده كمن يستل الورود من الشوك .. فلماذا تصر حكومتنا الموقرة على استعمال الحزم مع السائقين، الذين في حقيقة الأمر لايتحملون إلا نسبة قليلة من المسؤولية في الحوادث .. ولماذا تثقل كاهلهم، - وهم المنهكون أصلا من جراء ماتعرفه الأسعار من نار- بالزيادات الصاروخية في قيمة الغرامات وتشديد العقوبات التي ليس بوسعها الحد من وقوع حوادث السير في ظل بنيات تحتية غير مناسبة، ودون الالتفات إلى من بيدهم زمام الأمور، والقائمين على شؤون الطرق بمدننا وقرانا وحثهم، أو حتى إرغامهم على صيانة هذه البنيات التحتية، وتجهيزها بكل الوسائل الضرورية التي من شأنها أن تساعد على السير والجولان في أمن واطمئنان، دون اللجوء إلى العمليات الترقيعية، وهذا ليس بعزيز على المسؤولين المتدخلين في مواجهة ومحاربة حوادث السير بالمغرب.
وفي الختام لم أجد ما أختم به إشارتي هذه، أحسن من وجهة نظر الأستاذ العلمي المشيشي * الذي دعا مؤخرا خلال ندوة بمدينة آسفي إلى تعويض اعتقال السائقين المخالفين لقانون السير بتدابير فعلية، كالحكم مثلا على السائق المتسبب في ارتكاب حادثة سير، بالعمل (مجبرا) كسائق لدى بعض المصالح الأمنية، أو أدائه أعمال إدارية دون مقابل لمدة ما .. الخ، وهذا حقا ما يمكنه أن يعمل على تقويم سلوك السائقين ودفعهم عن طواعية إلى احترام قانون السير، واحترام حق الحياة، وإعفاء المجتمع من ويلات هذه الحرب الغير مباشرة، وتفاديا بالمرة تشريد أفراد أسر السائقين الذين يزج بهم في السجون، اثر تسببهم في حوادث سير مميتة، وأملنا أن تجتهد الوزارة التي تقول إن المدونة عنوان للقانون، وأداة للحد من ضحايا حوادث السير والكوارث التي تقع في الطرقات، في جعل بنود هذه المدونة تتلاءم مع وضعية المواطنين المغاربة، وبخاصة المهنيين، المادية والاجتماعية، لأنه شتان ما بين طرقنا وطرق الدول، مع ضرورة العمل على التخفيف من قيمة ما تبقى في المدونة من غرامات، وتفادي تعدد العقوبات الزجرية، خدمة للصالح العام.

* وزير عدل سابق
10 اكتوبر 2010 








قف .. الشعب المغربي
اكبر من خردة رمضان
التي تقدمها القناتان
بحثت طويلا .. قبل أن أتناول هذا الموضوع، لأجد على الأقل سببا واحدا .. ومبررا في نفس الوقت، يدفع قناتين تلفزيتين تحترم أذواق المشاهدين الذين يدفعون المقابل على ما يشاهدونه عبرها، ومن حقهم عليهما خدمتهم على أحسن وجه، فلم أفلح في ذلك.
ربما يتساءل القراء، عن سر هذه المقدمة، وهم في حيرة من أمرهم، لهذا أحيلهم سريعا على القولة التالية: " إذا ظهر السبب بطل العجب " والحديث هنا عن القناة (الأولى والثانية) اللتين طبلتا وزمرتا قبل حلول شهر رمضان الكريم، بلازمتين فارغتين من المعنى ( رمضاننا أحلى مع الأولى – 2M تجمعنا ) رغم أنهما لازالتا في عصر التكنلوجيا الحديثة تفتحان أبوابهما على مصراعيها لتستقبلا كل من هب ودب، وكل من ( طنطن عليه رأسه) وأوحى إليه شيطانه بأنه فنان فكاهي، رغم أن الفكاهة، كما هو متعارف عليه، فن شعبي قريب من الجماهير، بحيث تكون مواضيعها من صميم الحياة العامة لهذه الجماهير وهمومها، واهتماماتها، واللتين في نفس الوقت لم يعلم المسؤولين عنهما بعد، أن الأعمال الفنية الخالدة هي نتاج عقل واع وفكر عميق .. فهي لا تموت رغم طول الزمن وتقلباته .. بل تفرض نفسها على الأجيال المتعاقبة لتنهل منها الثقافة والمعرفة، ولكن نجد أن ما تقدمه القناتين التلفزيتين ( المذكورتين ) في إطار الفكاهة، خلال شهر رمضان هذه السنة، لا يمت بصلة لما استهليت به مقالي هذا، وفي هذا السياق فقد أسيل مداد كثير، وكغيري من الملاحظين على الخصوص، والمشاهدين على العموم، وجدتني أدلي بدلوي، للمساهمة بقدر متواضع، في توضيح بعض الأمور، وهكذا يمكن القول بأن الفقرات التي تسمى فكاهية "ظلما وعدوانا " هذه السنة، أثارت استياء عدد كبير من المشاهدين إن لم أقل كلهم، وهذا ما جعلني أطرح السؤال التالي: "هل من المنطقي أن نكون ونحن نفتخر بأننا في عهد جديد، تعمه التطورات والابتكارات، والتطلع إلى ما هو أفضل، والمزيد من التقدم ، وننادي بالقطيعة النهائية مع الزمن البائد، دون أن تكون لنا وسائل إعلام عمومي تحترم النظارة المغاربة، الذين يساهمون بدورهم في تمويل القناتين من خلال، المكس لإنعاش الفضاء السمعي البصري ..؟" ( Taxe pour la promotion du paysage audiovisuel ) وهل لانستحق كشعب أن تكون لنا قناتين، تحترم وتحب جمهورهما، وتترجم هذا الحب والاحترام بالعمل على انتقاء ما تقدمه له كمواد للفرجة .. ؟ بدل الرجوع إلى الوراء، واستعمال أدوات أكل الدهرعليها وشرب، وطالها النسيان .
لكن ما يحدث الآن، يتبث العكس، بحيث أن الأعمال التي تتفضل القناتين ببثها قبل وبعد آذان المغرب، ترسم سحابات من الخجل على وجوه كل من قدر له الجلوس أمام الشاشة الصغيرة، رغم أن بعض أبطالها لهم تاريخ يشهد لهم بعطاءاتهم التي أغنوا بها الساحة الفنية، وقدموا أعمالا جعلت المتلقي يولي اهتماما بالغا لهم، ويتوق إلى المزيد من سبر أغوار المواضيع الجريئة ذات البعد الاجتماعي والإنساني .. والمعبرة على نبض الشارع ، ولاينتظر التهريج، وأعمال تشبه أعمال (لحلاقي) إنما يسعى إلى تلقي فرجة صادقة وأداء مميز، ينضاف إلى تراث تاريخهم الفني، ويثري الساحة الفنية الوطنية.
ولما كان أهم ما في المسلسلات أو التمثيليات والفقرات الترفيهية، هو أنها تشد المشاهد من أول لحظة، وتختطفه من نفسه وذاته لتدخله في ذاتها، فان هذا لم يحصل أبدا منذ أول بث لهذه الأعمال، منذ بداية هذا الشهر الفضيل، لأن ما يقدم لا يرقى إلى ما يطمح إليه المشاهدون، ولم يأت البتة بأي جديد، اللهم إلا الكلام الساقط الذي يفسد أذواق المشاهدين، ولاتخلو من الحركات التي أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها لا ترقى إلى مستوى المشاهد المغربي المتعطش إلى الترفيه عن النفس، بعد يوم طويل من الصوم ومن تعب الحياة.
والحق يقال .. أننا كسائر النظارة، لم نفهم أبدا كيف ل.فنانين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : محمد الجم .. محمد بسطاوي، وعبد القادر مطاع، وغيرهم نالوا في ما مضى إعجاب ورضى المشاهدين، قلت لم نفهم كيف أنهم ينخرطون دون سابق إعلام في أعمال لا تستحق إلا أن تنعث ب. " المهزلة الفنية " التي أصابت جمهورالمشاهدين بالغم والنكد، بحيث تسربت إلى نفوسهم آفة الحياة البشرية التي هي الملل، الشيء الذي جعلهم يعيشون حالة صعب فيها عليهم عملية التحصيل والقدرة على التركيز.
وعليه .. أرجو من صميم القلب أن يتحرك المسؤولون بالقناتين المغربيتين ليقوموا الأشياء، ويصلحوا مسارها، لأن في ذلك صلاح لشعبنا .. ووضع حد لنشاطات الطوفان الذي يغزو بلادنا يوما عن يوم عبر الفضائيات الأجنبية، وليتذكر هؤلاء المسؤولين، أن الشعب الذي يتعاملون معه، هو أكبر بكثير من ( الخردة ) الرديئة التي تقدم له كبرامج ترفيهية بمناسبة شهر رمضان الكريم.

                                            وكل رمضان والشعب المغربي بخير.
05 شتنبر 2010









ما سر هذا التراجع في أقوالك
(ياسيادة المدير)  ..؟!


لا أعرف من أين أبدا مقالي هذا، وأين انتهي، لأن الموضوع يحمل بين طياته الكثير .. والكثير، ولكن دون أن أطيل على القراء، سأدخل مباشرة في صلب الموضوع .. لايختلف اثنان اليوم على أننا نعيش في زمن تراجعت فيه المهام التنويرية، وحل محلها التعتيم الإعلامي باسم حرية التعبير، حتى أصبح الواحد منا بإمكانه أن يتجاهل مشاعر الغير .. ويعتدي على حقوقه .. بل وفي أغلب الأحيان يدوس على كرامته، كل هذا وتجده متعاليا ولايكون في حساباته منطق الاعتذار، معتقدا أنه هو صاحب الرأي الصائب وعلى الآخرين أن يتحملوا كل مايصدر عنه من أخطاء، سواء كانت متعمدة أم لا .
سبب هذه المقدمة يتجلى كما سبقت الإشارة إلى ذلك، في التصريح الذي أدلى به عبد الصمد بن الشريف الذي ترأس المهرجان المتوسطي للحسيمة في دورته السادسة في عدد يوم الثلاثاء الماضي على صفحات يومية الصباح، بحيث قال في حوار أجرته معه نفس اليومية : "أن الأجر الذي تقاضاه الفنان الجزائري ايدير هو 40 مليون سنتيم" وهذا ما دفعني في حينه لأنجاز مقال " تحت عنوان استضافة الفنانين الأجانب .. هدر لأموال الشعب .. وفتح باب سوق البطالة للفنانين المغاربة .. !
تطرقت فيه إلى ايلاء الاهتمام البالغ للفنان الأجنبي وإهمال نظيره المغربي، وتساءلت في ذات المقال عن المقابل الذي قدمه المطرب المعني بالأمر للشعب المغربي تجاه ما حصده من أموال، ولكن لم تمض سوى يومين حتى استيقظ صاحبنا من غفلته وأصدر تصريحا جديدا ينفي فيه أن يكون ايدير قد أخذ المبلغ المذكور أعلاه، وذلك عبر الجريدة التي سبق أن حاورته في أول الأمر، والحمد للـه على أنه لم يدعي بأن الجريدة هي التي حرفت أقواله، وهكذا صحح ( سيادة المدير) معلوماته، وتراجع عن أقواله السابقة، وبقدرة قادر أصبح الأجر الذي حصل عليه مطربهم الجزائري هو 7 آلاف أورو فقط - دائما حسب تصريح بن الشريف الجديد - ( سبحان مبدل الأحوال)
وعليه فإنني لم ولن أستغرب من هذا التراجع، لأنني أعلم مسبقا أن السيد بن الشريف وأمثاله كثيرون يتعرضون لضغوطات من قبل جهات ما .. تخاف من الجدل الذي قد يثيره عنها هذا النبأ، ( نبأ 40 مليون سنتيم ) وهي أصلا لا تريد أن يسمع عنها أنها تهمل الفنان المغربي في قعر داره، بينما تعز الوافد الأجنبي وتكرمه أيما تكريم على حساب قوت مبدعينا الذين يساهمون في بناء هذا الوطن كل من جهته.
وعملا بالمثل الذي يقول عش رجبا ترى عجبا، فإننا رأينا العجب في شعبان، رأينا كيف سمح مسؤول لنفسه أن لايكون دقيقا في تصريحاته، بحيث استطاع أن يدلي بتصريحين متناقضين خلال مدة جد وجيزة .. التصريحين اللذين أثارا دهشتي لأقصى حد .. أصبت بعدها بنوبة من الضحك، وذلك نظرا لما تسلح به صاحبهما من جرأة، ودون أن يفكر في عواقب ما جاء على لسانه من كلام متناض قد يفقده مصداقيته من جهة، ثم يضر بنا نحن أمة الصحافيين من جهة أخرى، نتمنى أن لايعود مرة أخرى بتصريح ثالث يفيد بأن ايدير ساهم في الحفل المذكور)في سبيل اللـه ) لكي لاينعث بأنه يحتقر ذاكرة المغاربة، كما قال أحدهم : »العرب لايقرؤون .. وإذا قرؤوا لايفهمون .. وإذا فهموا سريعا ما ينسون « ، عموما .. أرجو ألا يعتقد أحد انني ضد الرجل .. بالعكس، ولكن كل هدفي مما قلت سابقا، هو أن لا ينعث الصحفي في زمننا هذا بالكذاب، أو أي شيء من هذا القبيل.
وعلى هذا الأساس فلابد من إبداء هذه النصيحة التي ورثناها أبا عن جد .. وكبرت معنا، وأظن أن فضائلهاعنا كثيرة .. إنها : ) ميات تخميمة وتخميمة ولا ضربة بلمقص .. والفاهم يفهم )
21 غشت 2010







استضافة الفنانين الأجانب .. هدر لأموال الشعب ..
      وفتح باب سوق البطالة للفنانين المغاربة .. !                  
                           ردا على تصريح عبد الصمد بن الشريف

في غياب التأطير القانوني الحقيقي والفاعل الذي تعاني منه ساحة الفن بوجه عام بالمغرب .. يمكن أن يلاحظ من أول وهلة شيوع نوع من الفوضى العارمة بشكل اختلط معه الحابل بالنابل .. وعز معه تمييز الأشياء عن بعضها .. وأنا إذ أرصد المجهر جليا حول مجال الأغنية المغربية، فإنني سأسجل حتما العديد من المواقف في هذا المجال، بشكل لايمكن حصره في خانة واحدة محددة .. وذلك في غياب التأطير القانوني - كما أسلفت - والذي يعود إلى أسباب شيوع هذه الفوضى التي تقلدت زمام الأمور فيها زمرة من المتطفلين على الميدان الفني، وشرذمة من الانتهازيين، ومقتنصي الفرص الذهبية لتأسيس الثروات المادية الخاصة على حساب قيم الفن، ومعاناة الفنان المغربي المغلوب على أمره، ومن المتعارف عليه أن هؤلاء (المتطفلين و .. ) لاوجود في منطقهم، ولاحساب في اعتباراتهم للفن الراقي الذي يؤسس للحضارة، ويشيد بوجود الإنسان .. وعند هذه النقطة بالذات، أريد أن أتيح المجال لأستطرد وأطرح هذا التساؤل: " ما دورالنقابات القائمة حاليا على جميع المستويات، وبخاصة تلك التي تعنى (ياحسرة ) بالحقل الموسيقي والغنائي ببلادنا، وعلى أي رؤية وتصور يقوم هيكلها ..؟ " إن لم يكن من أول أولوياتها الذوذ عن حقوق الفنان المغربي، وضمان العيش الكريم له، وايلائه المكانة المشرفة التي يستحق، مما يساعده على الإبداع والابتكار .. لكن ببالغ الأسى والأسف، فمعطيات الواقع الراهن التي يعرفها حقلنا الموسيقي والغنائي تغني عن كل جواب .. ! طبعا مع الوضعية المزرية التي يعيشها رجل الإبداع المغربي على جميع الأصعدة .. هذا إلى جانب مرضنا المزمن بعقدة الأجنبي والاستيلاب له .. وذلك يتجلى في فتح المجال بالدعم والتشجيع اللامنتهيين لكل واحد من المشرق، كذبت عليه نفسه الأمارة بالسوء، وأسرت له، ﻭﺃﻭﻫﻤﺘﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻓﻨﺎﻧﺎ، ﻟﻴﺘﺠﺮﺃ ﻭﻳﻄﻨﺐ ﺃﺳﻤﺎﻉ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠـﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﺳﺎﻗﻂ، ﻳﻔﺴﺪ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ في غالب الأحيان، وهكذا يجد باب المغرب مشرعا في وجهه، ودون رقيب أو حسيب يقدم على تنظيم السهرات والحفلات الفنية العمومية، التي تواكبها (ظلما وعدوانا) تغطية إعلامية على أوسع نطاق .. وأقول (ظلما وعدوانا) أمام هذا الحيف الذي يعانيه مبدعونا المغاربة أمام ظاهرة الاستيلاب التي تملكنا في هذا الحقل .. وتجعلنا نفسح المجال لكل وافد علينا من البلاد الأخرى، وكأن هذا الوافد قد ملك الرسالة الإبداعية المثلى التي ننتظر الاسترشاد بنورها السني.

ولاأجد هنا ما أستشهد به عن صحة أقوالي إلا الغضب الذي يصاب به جمهور الفنانين المغاربة، والحنق الذي يشعرون به من جراء تعامل الساهرين على تنظيم المهرجانات والحفلات، الذين يعطون الأولوية دائما (للفنان) الأجنبي ولو كانت جعبته خاوية، وتخويله حصد الأموال الطائلة، الشيء الذي يفضي لامحالة إلى تهميش أصحاب الدار، وجعلهم لايحظون إلا بالفتات من الميزانيات الضخمة التي ترصد للمهرجانات والتي هي في الحقيقة من مال الشعب الذي من حقه هو الآخر أن يختار طرق صرف أمواله .. ويستشار فيما يتم تخطيطه من طرف الذين بيدهم زمام أموره.

وللذين لايريدون أن يفهموا أقول .. أيها السادة، نحن أيضا نملك وطنا .. وكيانا .. وتراثا .. وحضارة عريقة في المجد والسؤدد .. ولدينا مبدعون سحروا بلاد الشرق في مناسبات عديدة .. وبلغوا الأوج في تقدير الآخرين لهم .. ومن المؤكد أن بداية تسلق سلم الحضارة والتقدم الرفيع تكون أول أدراجها إحساسنا بكياننا، وانتمائنا لوطننا الأعز، وشعورنا بارتباطنا القومي الصادق .. ومحبتنا لتراثنا الخالد، واعتنائنا بمبدعينا الخلاقين .. إضافة إلى عملنا على تحقيق التواصل الدائم مع الآخر والانفتاح (بأشيائنا) على العالم لنفيذ برصيدنا ونستفيذ.

ولكي لاتفوتني فكرة البداية، أعود لأؤكد على ضرورة العمل على تنظيم المجال الفني ببلادنا .. وتقنينه، وتحصينه ضد كل ما يسيء إليه .. كما هو الحال في مصر مثلا - ونحن نتحدث عن التقنين والتأطير- يجب أن يعلم الجميع، وخصوصا أولائك الذين يهوون العناق الحار والابتسامة العريضة وتقديم وتكريم (فناني الخارج) أن الفنان الأجنبي الذي يفد على أرض الكنانة، لايملك الحق بتاتا في تنظيم ولو حفلة صغيرة إلا بعد أن يخضع للعديد من الإجراءات القانونية الصارمة من طرف نقابة الموسيقيين بمصر .. إضافة إلى التزامه بالعديد من الشروط المحددة والتي تخدم طبعا البلد المضيف وأهله، في حين تبقى نقاباتنا في الحقل الفني بالمغرب مجرد إطار هو نفسه في حاجة إلى تأطير وتنظيم .. ويبقى إلى جانب ذلك واقعنا الفني بشكل عام، كقشة فوق سطح الماء بين دوافع المد والجزر .. ويبقى مبدعونا - في غياب التأطير القانوني المنظم للمهنة - مجرد أناس يطلبون لقمة العيش في ظروف جد عسيرة ومضطربة .. غالبا ما يلتجيء معها أغلبهم إلى العمل في مجالات أخرى، كالغناء أو العزف في العلب الليلية والحانات، أو الأعراس .. و .. والخ، وهم في ذلك يستلون كسرة خبز كمن يستل الزهور من الأشواك.
ما كنت لأتناول هذا الموضوع، وبالضبط في هذا الوقت، لأنه ما أكثر المقالات التي أنجزت في هذا الشأن، ولكن يظهر أن لاحياة لمن تنادي، لكن التصريح الذي أدلى به المدير والناطق الرسمي للمهرجان المتوسطي للحسيمة المنتهية دورته السادسة مؤخرا، هو الذي دفعني لأجدد نداءاتي عساها هذه المرة أن تجد الأذن الصاغية .. ومما قال سيادة المدير : حاولنا هذه السنة ترشيد النفقات واستضافة فنانين لايطلبون أجورا خيالية، وفي نفس السياق أضاف : إن أعلى أجر في هذه الدورة بلغ 40 مليون سنتيم، وقد حظي بشرف الحصول عليه ايدير الجزائري، (مسكين ماكاد على ثقل) لو لم تتنبهوا (ياسيادة المدير) للترشيد المذكور، كم كان السي ايدير سيحصد من أموال هذا الشعب .. ترى ماذا قدم الأخير مقابل هذا المبلغ الضخم ..؟ لكن المثل الشعبي القديم "مطرب الحي لايطرب" الذي استخدمه أجدادنا قديما للدلالة على إهمالنا للشيء المحلي، والذي بكثرة تداوله حفظناه عن ظهر قلب، هو الذي ينطبق الآن على أغلب الذين يتولون تنظيم المهرجانات بالبلاد، بحيث أصبحوا دون حياء، يتجاهلون وجود المبدعين بالمغرب .. والى أن يصبح مطرب الحي يطرب، نتمنى أن يتقي اللـه فينا وفي أموالنا أولائك الذين تعذر عليهم الشفاء من عقدة الفنانين الأجانب .. ( الحصول الحديث طويل والسكات احسن)
21 غشت 2010
أيها الصحفي الجهبد ..
ترى ماذا يفعل حرف الجرفيما يتبعه..؟!         
ذ.محمد زمران


فسحت الصحافة الالكترونية الحديثة العهد بالحقل الصحفي، والتي بدأت بصورة عشوائية، ودون أي نظام يذكر المجال للعديد من الأشخاص الذين لا إلمام لهم بميدان الصحافة، قلت فسحت لهم المجال، لأن جل جرائدها التي ركبت على حرية الصحافة والتعبير لاتعمل إلا على نسف أخلاقيات المهنة، بحيث تهدي الفرص الذهبية لأقلام كل من هب ودب، وتفتح الأبواب على مصراعيها لأولائك الذين يمتازون بضحالة مستواهم الفكري والثقافي، والذين ليس بينهم وبين الكتابة الصحفية أو حتى الأدبية إلا الخير والإحسان، ولا يتوفرون على أي ثقافة قانونية تساعدهم على معرفة حقوقهم وعدم التعدي على حقوق الآخرين، لتبقى تصرفاتهم بعيدة كل البعد عن الواقع الإعلامي بصفة عامة، لأن مايأتون به يعد من الكتابات الفارغة من المعنى .. أجل كتابات فارغة من المعنى، تجبر القاريء أن ينعتها بأنها قمة في الرداءة والاستبلاد والتفاهة، وهي أيضا استهتار بالناس وسخرية منهم .. لأنه كلما كثرت مثل هذه الكتابات الفارغة سقطت قيمة القلم، والمشكل الذي يحير الأذهان في الحقيقة هو أن لاأحد من الكتاب "المزعومين" طبعا يستطيع تحمل المسؤولية ويطرح على نفسه الأسئلة التالية : من أنا ..؟ ولماذا أحمل القلم ..؟ ولمن أكتب ..؟ ولماذا ..؟. وهكذا تجدهم يتصرفون تصرفا ينال من شرف المهنة، ولايحترمون ذوق وكرامة الجمهور، لتصبح (كتاباتهم) تنعت ب.المزابل الصحفية لما تضمه من مواضيع لاتمت للصحافة بصلة، وبعيدة عن كل طرح جاد ومعقول يعطي بعدا إضافياً لصحافتنا، رغم أن المتعارف عليه أن مهمة "تثقيف" الشعوب انتقلت من أيدي الفلاسفة والكتاب إلى أيدي الصحفيين، شرط أن يكون هؤلاء من الذين قال فيهم ربنا عز وجل ''يرفع اللـه الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات''.و إن ما جعلني أصطدم كليا مع واقع أليم، بل ومرير، هو ماتشهده الحركة الثقافية والأدبية والفكرية على كل المستويات في بلدنا الحبيب، بحيث أصبح ميدان الصحافة مهنة من لا مهنة له، يدلي فيها بدلوه كل من تعلم فك الخط، ليصبح بفضل تعاون الجرائد الالكترونية المشار إليها أعلاه، يرى في نفسه أنه "نابغة عصره"، بيد أن الأمر في الحقيقة في الوضع الراهن يدعو كل ممتهن شريف لمهنة الصحافة هاته إلى تحطيم قلمه والتخاصم مع " شيطان الكتابة " .
وبعد هذه المقدمة، أجدني مضطرا لأهمس في أذن ذاك الذي تجرأ على مجال الكتابة الصحفية، ودون أن تحمر وجنتاه من الخجل سمح لنفسه - في غياب قانون يحدد معالم الصحافة ببلادنا – لالصاق صفة "صحفي" بنفسه، بحيث أنشأ مدونة تحت عنوان (موقع الصحفي فلان الفلاني) ومصيبته المسكين أنه يسكن المنصوب ويرفع المجرور وهلم جرا، وهذه مقتطفات من بعض كتاباته (... من هنا نكتب انه عيب على سياسيو المغرب...) (...إن الكبرياء والإدعاء وضيق النظر تعتبره القوانين الطبيعية فشل...) (...وإذا كان من عبرة تستخلص من هذه الذكرى الوطنية وغيرها من الذكريات المجيدات...) (... في كل مرة أصبحنا نسمع عن متسيسين دون المستوى قيدت أسمائهم للظفر بمقعد . منهم من لا يتقن لا اللغتين العربية والفرنسية ولا حتى الكتابة ومنهم من لم يتجاوز السنة الدراسية السادسة ثانوي ومنهم من كان خضارا ومنهم من كان حدادا...) ونسي الصحفي الجهبد أن يذكر مثلا منهم من كان كتبي - اعني بائع كتب -.
وهكذا يمكن للقارئ أن يقف على جهل هذا الصحفي الذي يظلم المهنة بانتمائه لها، ويقف أيضا على تفاهة ما يكتبه،ومثل هذا كثيرون تساعدهم الصحافة الالكترونية كما سلف ذلك على الهجوم على مهنة الصحافة النبيلة.
وهنا يبرز التساؤل الذي لطالما قظ مضجع العديد من المهنيين والذي هو: "هل يمكن تسمية كل من يكتب بموقع على الإنترنت ب.صحفي،" هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واضحة وسط هذا الكم المتراكم من الكتاب المزعومين، الذين تضافرت جهودهم وشرعوا هذه الأيام في البحث عن صيغة يتبثون بها وجودهم في مجال الصحافة ظلما وعدوانا، غير عابئين بما تتسبب فيه بعض"الصفحات الالكترونية" من ضرر، وقد صدق من قال: " قد لا يستطيع إلا خريج كلية الطب أن يكون طبيبًا، ولكن يستطيع من هو نصف أميّ أن يكون صحافيًا" وعلى رأي جوزيف بوليتزر، الصحفي المَجري الأصل، الذي أصبح ناشر النيويورك ورلد، ورئيس تحريرها، الذي قال إن الصحافة هي أكثر المهن حاجة إلى أوسع المعارف، وأعمقها، ويسأل في نفس الوقت هل يصح أن تُترك هذه المهنة، ذات المسؤوليات الكبيرة، تُمارس من دون أي تأهيل منتظم، وهذا ما يؤكد أن الصحافة فن، والراغب في العمل فيهـا لا بد أن يكون ذو موهبة، فضلا عن توفره على ثقافة عامة وتجارب عديدة.
ولايسعني إلا أن أختم ب. اما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيبقى في الأرض..!
24 شتنبر 2009
  
لك اللـه ياعـلم بلادي                          
على اثر التحدي السافر الذي أقدم عليه راقص مجموعة عبيدات الرمى ليلة 17 يوليوز الجاري، خلال فقرة من فقرات برنامج " لالاهم لعروسة " قلت، لكل القوانين والأعراف، وحتى للنقد الذي كنت قد تقدمت به تحت عنوان " الراية المغربية رمز لبلاد ماشي حزام لَشْطيحْ " بعد السهرة التي أمطرتنا بها القناة الأولى ليلة السبت 14 فبراير المنصرم، في إطار برنامج نغمواتاي، بحيث لم يرق لي الفعل المشين اللاأخلاقي الذي قام به الراقص المعني، الذي اتخذ العلم الوطني وسيلة للرقص، دون أن تحمر وجنتاه من الخجل، وهو يشد الراية المغربية إلى خصره مؤديا رقصة نسائية، في غياب أي ناه عن المنكر المرتكب في حق مشاعر المغاربة، أجل .. غير صاحبنا فكرته وطورها، متحد كل شيء .. مع ما صاحب ذلك من اهانة صارخة، وتهكم مريرعلى رمز البلاد، الذي ذهبت آلاف الأرواح فداء له ودفاعا عنه .. ومن أجله ضحى المواطنون المغاربة الأحرار في الماضي بالغالي والرخيص، حيث كان ومازال من الرموز التي لايمكن أن تمس بسوء أو تدنس.ولاشك أن المواطنين المغاربة جميعهم، يدركون أنه من أجل أن ترفرف هذه الراية على أرض وطن مستقل، ينعم بالاستقرار، فقد أدى الآباء والأجداد الثمن غاليا، وقد كلفهم ذلك أرواحهم التي استرخصوها، وبذلوها في سبيل إعلاء كلمة اللـه .. ورؤية العلم يرفرف خفاقا، ولم يكونوا في يوم من الأيام ينظرون إليه كأنه مجرد "خرقة قماش"، بل كان له في ضمائرهم حيزا كبيرا من التعظيم، وأنه أداة قوية لاستنهاض همم المغاربة للحفاظ على كرامة الوطن ووحدته الترابية .. وأن الأهمية التي كانوا يولونها له كانت فوق كل تصور. وعودة إلى راقص مجموعة عبيدات الرمى المذكور، فانه كما سبق وأشرت تفتقت عبقريته، وجادت قريحته واتخذ هذه المرة من العلم الوطني كسوة له على شكل: ( سلهام ) حيث مارس به الرقص، وهذا ما اضطرني من جديد إلى الخوض في هذا الموضوع، لدق الناقوس مرة أخرى قصد إثارة انتباه الجهات المعنية التي يهان رمز الوطن أمام أعينها دون اتخاذ أي موقف من جهتها، لست مغربيا أكثر من المغاربة، ولكنني أرى بعين الغيور على علم بلاده، وأعمل بما يقتضيه الضمير الإنساني والواجب الوطني، لما وجدت أن رمز هذا الوطن أصبح مهملا، وفاقدا لأهميته وعمقه الروحي على أيدي بعض مرضى النفوس، الذين يجهلون المراحل الصعبة التي مر منها ليصل إلى وقتنا هذا، وأنا الذي ألفت أن أرى علمنا يرفرف خفاقا في المحافل الدولية، خلال التظاهرات الرياضية، افتخارا بانتصار رياضيينا، يحز في نفسي اليوم أن يصبح علم بلادي الذي هو جزء لايتجزأ من رموز هذا الوطن الخالدة، وسيلة يستعين بها المهرجون والراقصات والراقصون على الرقص وتحريك المؤخرات، على مرأى ومسمع الذين بيدهم زمام الأمور، دون أن يحرك أي منهم ساكنا، هل هان على هؤلاء ما بذله الجيل السالف من أجل أن يبقى العلم المغربي، علما يرمز للكيان وللانتماء .. يرمز للوحدة وللفداء، مع العلم أننا لسنا .. ولن نكون أقل من جيراننا، حبا وغيرة على علم المغرب، فلماذا ياترى لا نرفع من شأن رمزنا الوطنى انتماء له وتبجيلا.

للتذكير .. لما بادرت بالكتابة في هذا الباب، خطرت ببالي انتفاضة كانت مسرحا لها أرض الجارة الجزائر، وأردت أن تكون لنا نحن المغاربة درسا ننهل منه المعاني .. حيث أفادت مصادر من " منظمة أبناء الشهداء ومنظمة أبناء المجاهدين" هناك، بأن أعضاء منهما قرروا رفع شكوى لدى القضاء ضد قيادة حزب (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية)، بتهمة إهانة رمز من رموز الدولة، ويتعلق الأمر بجدل سياسي حاد أثاره نزع العلم الوطني من مقرالحزب بالعاصمة، فأين نحن من هذه الوطنية، وهذه الغيرة ياناس ..؟! أرى أننا أحوج ما نكون لهذه الغيرة، وهذا التقديس لعلمنا، الذي كان ولازال آباؤنا الأشراف إذا رأوه خارج المغرب تخفق قلوبهم وتدمع أعينهم شوقا له.
وفي الختام أتساءل لماذا لم يفعل القانون رقم 17.05، المتعلق بزجر اهانة علم المملكة ورموزها، والذي حدد العقوبات الزجرية التي توقع في هذه الحالة، أو في حالة محاولة ارتكاب هذه الإهانة، وتشمل هذه العقوبات غرامات مالية تتراوح قيمتها ما بين 10.000 و100.000 درهم، وعقوبات حبسية تتراوح مدتها ما بين سنة، وخمس سنوات، مع إمكانية الحكم على الفاعلين بالحرمان من ممارسة واحد أو أكثر من الحقوق الواردة في الفصل 40 من القانون الجنائي، وذلك لمدة قد تصل إلى عشر سنوات، وأيضا الحكم عليهم بالمنع من الإقامة لمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات، وتوقع غرامات مالية تتراوح قيمتها ما بين 20.000 درهم و200.000 درهم، وعقوبات حبسية من ثلاثة أشهر إلى سنة في حق كل من أشاد بإهانة علم المملكة أو رموزها، أو حث على ارتكاب تلك الأفعال بواسطة الخطب، أو الصياح، أو غيرها من الوسائل المشار إليها في المادة الثالثة من هذا القانون.
بتساؤلي هذا، لاأرمي إلى طلب العقوبات لأي كان، ولكن أناشد السلطات المختصة بإرغام الجميع على احترام العلم الوطني، حتى لاتتفشى هذه الظاهرة في المجتمع، التي أصبحت حقا تتكرر في عدة سهرات ماجنة من طرف بعض الذين يحسبون على الميدان الفني ( ظلما وعدوانا ).
19 يوليوز 2009
كلشي كايتصاب
في استوديو دوزيم ..!اللغة الفرنسية ..
تبادل العناق والقبلات الحارة بين الجنسين ..
العري الفاضح ..
أعضا
تعمدت عنونة هذا المقال ب. (كلشي كايتصاب في استوديو دوزيم) على وزن كلشي كايتباع فسوق البشرية، من رائعة "سوق البشرية" التي خطتها الأنامل السحرية للشاعر الغنائي المرهف الإحساس الأستاذ عمر التلباني، والتي عمل على تلحينها وأدائها الموسيقار الكبيرعبد الوهاب الدكالي، وتجدر الإشارة هنا - للتذكير- بأن هذه الأغنية سبق لها أن حازت على الجائزة الكبرى بإجماع أعضاء لجنة التحكيم، قلت تعمدت ذلك لما تتضمنه أسوار القناة الثانية، وبخاصة (استوديو دوزيم) إذ أنه لايجادل أحد في أن 99،99 في المائة من سكان المغرب هم من الذين يتقنون اللغة العربية .. ولايتكلمون إلا لغة القرآن الكريم، ومعظم هؤلاء لايفقهون حرفا واحدا من اللغة الفرنسية، وبعد عملية حسابية طبعا يتضح أن نسبة الأجانب القاطنين بأرض الوطن، أو أولائك الذين يقصدون بلادنا من حين لآخر من أجل السياحة أو الزيارات، لاأهمية لها، ولاتذكر بالمرة .. ولكن لحاجة في نفوس القائمين على شؤون قناة عين السبع تجدهم يصرون دوما على التعامل من المشاهدين - الذين يمولون القناة - بلغة موليير .. عجبا، لاأعلم لماذا هذا الاصرار..!
وما كنت لأتناول هذا الموضوع، لأننا في الحقيقة ألفنا هذا التعامل المشين، رغم أننا نادينا عبر العديد من المنابر مرات ومرات بتفادي التوجه إلى المواطنين بغير لغتهم، ولكن لاحياة لمن تنادي، ويظهر أن مناداتنا لم تستطع الوقوف في وجه إصرار من بيدهم زمام أمور القناة، الذين لم يفطنوا، وربما لن يفطنوا أبدا إلى أن هذا التعامل، أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه لايليق بقناة تؤدي واجبها المهني على أرض لغة مجمل سكانها هي لغة الضاد، لغة مصدري التشريع الأساسيين في الإسلام .. القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وأنا هنا لست ضد تعلم اللغات الأجنبية أوالتحدث بها، لكن أخشى ما أخشاه أن يستمر العدوان على لغتنا، وتتوالى عليها المؤامرات حتى تنال منها، وبعد جيل أوجيلين تفقد لغة العلم الأولى أهميتها، وهذا هو الدافع الذي جعلني أغار على لغة بلادي وأجدادي، ودفعني إلى الأخذ في هذا الباب، وأسوق هنا المثال التالي، وقد علقت عليه بما يلي : "أناس يسمعون بأذن عربية ويردون بلسان فرنسي ..!" وذلك يتمثل في توجيه ملاحظات وتوجيهات أعضاء لجنة التحكيم-التي هي في الحقيقة لاتسمن ولاتغني من جوع، وذلك راجع إلى ضعف الأعضاء، ولي لامحالة عودة إلى هذا الموضوع مستقبلا- إلى المتبارين باللغة الفرنسية، وان أبسط جملة يمكنني توجيهها لهؤلاء، هي ألا يخجل المرء من نفسه وهو يتنكر للغة وطنه الرسمية التي اعتمدها دستور البلاد ..؟ هذا فصل من هذه المهزلة.
أما الفصل الثاني، فيتجلى في ما يقبل عليه الشباب المشارك في مباريات استوديو دوزيم من اختلاط وتبادل العناق والقبلات الحارة ( على عينك يا بنعدي ) أما في الكواليس فاللـه علام الغيوب هو وحده المطلع على أفعالهم، شيء في الحقيقة يندى له الجبين، يقدم الجنسين على فعله ظلما وعدوانا باسم الفن، في غياب احترام مشاعر المشاهدين، بالإضافة إلى أولياء أمورهم الذين لاحول ولاقوة لهم أمام الإغراء الذي يعطيهم الأمل بأن فلدات كبدهم ستصبح في يوم من الأيام من أصحاب الشهرة.
أما العري الذي يجعل المرء يقف مشدوها لبشاعة مناظره .. فقد ضاق المشاهدون منه ذرعا، ولم يعد صندوق التلفاز يقوى على جمع أفراد العائلة أمامه، هربا من ما تقدمه القناة من صور ولقطات بمقدورها تفريق شمل الأسرة، كما تجعل كل فرد منها يبحث عن اتجاه يداري فيه وجهه، لأن بعض المتباريات يجتهدن - أو هن مجبرات على ذلك - لإظهار مفاتنهن دون اعتبار لذوق المتلقين، ليصبح "البلاطو" يزخر بأجساد عارية، تختلف أحجامها وطرق تعريتها، ودون إعارة أي اهتمام لخطر العري، هذا من الناحية الدينية والاجتماعية، وأثره في تفسخ المجتمع، وما يجلبه من اضطراب نفسي، وهذا بالضبط هو مربط الفرس، لأن هذه المناظر المغرية تدفع بعض أعضاء لجنة التحكيم إلى التغزل في أجساد المتباريات، واستخدام لغة العيون التي تخترق الثوب الشفاف ليستمتع أصحابها بما يتواجد تحته من مفاتن، الشيء الذي يوحي بأن ليست هناك أهداف معقولة تخدم المجال الفني، ليبقى البرنامج ككل ضحك على الذقون وتهميش للمواهب الفنية، والاستغلال الغير فني للمتباريات الحالمات بمستقبل فني، في أمور لاعلاقة لها بالفن، لأن التجارب التي مر منها البرنامج سابقا أعطت الدليل بأن كل من (تألقوا) في نظر صانعيهم لم يضيفوا أي جديد للميدان الفي المغربي، مما يتيح تسميتهم بفنانين من ورق، وعلى رأي المطربة ديانا حداد التي شاركت في سهرة من سهرات استوديو دوزيم، بحيث قالت، في تصريح لإحدى اليوميات المغربية :"للأسف أن مجموعة من هذه البرامج تخدم الفنان الصاعد في فترة بثها فقط، وعادة ما يغيب نجم هذا الفنان الموهبة مع انتهاء فترة عرض البرنامج" إذن حبذا لو أعفتنا القناة (الدوزيامية) من هذا الصداع الذي يهدر فيه وقت المشاهدين، وتبذير لأموال دافعي الضرائب، ويداس خلاله على كرامة المغاربة أجمعين، وبعبارة أصح لم يحقق البتة الأهداف المتوخاة منه.
12 يوليوز 2009





لا .. أيها السادة،
الصحافة ليست " بعبعا "لايجادل أحد في أن الصحافة بكل مكوناتها هي المرآة التي تعكس عمل المجتمعات، وهي واحدة من تلك المهن التي تتطلب وقتا طويلا وجهدا مضنيا لمزاولتها، والمتعارف عليه في كل بلدان المعمور، أن الصحافة سلطة رابعة تمارس رسالتها بحرية مسؤولة في خدمة المجتمع، تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام، وإسهاما في تكوينه وتوجيهه من خلال حرية التعبير، وممارسة النقد ونشر الأنباء، ولها دور تضطلع به.. دور يشكل حجرة الأساس في أي مجتمع حضاري .. خاصة في عصر الثورة الإعلامية التي نعيشها، والتي حولت الصحافة والإعلام بصفة عامة إلى أداة نقل مباشر للحدث، بالصوت والصورة وبالزمان والمكان الذي تجري فيهما الأحداث، الأمر الذي أعطى لرجال مهنة المتاعب قوة حضور، وقدرة على تشكيل الرأي العام، وهكذا نجد أن للصحافة ببلادنا أدوارا ينبغي أن تؤديها، وهناك أيضا مهاما مطلوبة منها تجاه الرأي العام الوطني، الشيء الذي يجعلها حاملة لرسالة يطلق عليها رسالة الإعلام .. هذه الرسالة التي يجب أن تؤدى في أحسن الظروف وعلى الوجه الأكمل، وإلا ستنعت هذه الصحافة بالضعف، وهذا عامل مقنع لجعل القراء والمتلقين - الذين ينتظرون من صحافة بلادهم أن تكون مصدرهم الأساسي، لتطلعهم على ما يجري داخل وطنهم وخارجه - يلجأون إلى الإعلام الأجنبي لعلهم يجدون توجيها أقوى، وخصوصا العالم الآن يعرف الغزو الإعلامي عبر الفضائيات، لتبقى صحافتنا في ظل بعض الأوامر والتعليمات التي تجود بها أمزجة بعض المسؤولين الذين تضايقهم السلطة الرابعة وتقلق راحتهم، بل وتربك حساباتهم كما تنشر فضائحهم، قلت تمنع خدام صاحبة الجلالة من أداء واجبهم المهني المنوط بهم حتى لايعلم الرأي العام الوطني بما تمور به أرض الوطن، ويوم 23 يونيو 2009، تاريخ انعقاد جلسة انتخاب عمدة مدينة الرباط، خير شاهد على الاهانة الجماعية التي وجهت إلى عدد من الصحافيين والصحافيات من مختلف المنابر والقنوات الفضائية الوطنية والدولية، التي حضرت لتغطية أشعال الجلسة المذكورة، بحيث وبأمر من الكاتب العام للولاية منع الصحافيون من تأدية واجبهم المهني، ولم يقف الأمر عند المنع وحسب، بل وصل إلى نعث الصحافيين بأبشع النعوث من طرف نفس موظف وزارة الداخلية، الذي بلغ التوتر به مبلغه، لما توجه لعناصر القوات المساعدة التي كانت تطوق الفضاء قائلا : "شطبوا علي هاد الناموس" ألم يكن حريا بهذا الشخص من موقع المسؤولية أن يؤمن للشعب المغربي عامة، ولسكان مدينة الرباط خاصة، متابعة أطوار انتخاب العمدة الذي سيشرف على تدبير شأن مدينتهم خلال ست سنوات المقبلة، من خلال السماح لحملة الأقلام بتغطية جلسة التصويت، ومجمل القول، فانه ليس الصحافيون وحدهم من تجرعوا مرارة الحرمان من الحضور، بل حتى سكان المدينة أصابهم نصيبهم، مما يعكس بجلاء صورة باهتة وجارحة لقيمة الصحافة ببلادنا و( الحكرة) التي تحظى بها من لدن من بيدهم زمام أمور هذا البلد، الذين يتفننون يوما عن يوم في هدر كرامة الصحافيين، والعمل على تكميم الأفواه بكل أساليب التخويف والترهيب، والحكم بالموت على الصحف التي لاتسير حسب هواهم، وان ما سردته أعلاه لايمثل إلا قطرا من فيض الغصة التي يشعر بها كل صحفي يحترم قلمه ويعمل وفق ما يقتضيه الضمير المهني والواجب الإنساني .. وأجد أن هذه المضايقات ما هي إلا سلوك يترجم ثقافة وضع العصا في العجلة، ما دام أن الجسم الصحفي الوطني بدون مرجعية قانونية جديدة كفيلة بصيانة وجوده واستقلاليته من جهة، ومستوعبة للتحولات الداخلية والخارجية، وقادرة على تحفيز الفاعلين وكافة المتدخلين في قنوات تمويله وتسويقه وانتاجه من جهة ثانية، خاصة في شروط المرحلة الراهنة التي تزايدت فيها الاكراهات والانتهاكات التي تسعى إلى تقليص دوره الإخباري والتنويري والتنموي، على غرار مايوجد عليه في الدول التي آمنت بدوره كسلطة رابعة، وقننت ذلك في دساتيرها، ووفرت له الشروط المادية والقانونية التي تعزز دوره كرأي عام وطني مستقل وفاعل، سواء في الإخبار والمساءلة أو التنوير أو نشر قيم المواطنة والحداثة والديمقراطية، أو الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، والخصوصية الثقافية والحضارية.

وان الحديث عن المرجعية القانونية تفرضه تحولات مجتمعنا السريعة والأعباء الثقيلة التي يتحملها الفاعلون الإعلاميون في مثل شروط واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي لانحسد عليه، من خلال حجم التخلف والخلل والخصاص والاكراهات، التي أصبح الجسم الصحفي في إطارها مستهدفا من قبل لوبيات الضغط التي تتعارض مصالحها ونفوذها مع ما يريده إعلامنا الوطني، والذي وجدت فيه هذه اللوبيات المناهضة للتغيير والدمقرطة والتحديث كبش الفداء، والحلقة الأضعف لتمرير وشرعنة استغلالها ونهبها، عبر فبركة المحاكمات للصحافيين والمقاولات من أجل لجم كل الأصوات المنددة، والمعارضة لتوجهات هذه اللوبيات التي أوصلت الوطن إلى ما هو عليه من تراجع وتأخر بنيوي جعله عرضة لنقذ المنظمات الدولية في كل المجالات، وحتى لايؤول كلامي كمواطن غيور على صحافة بلاده، أقول للجميع أنه لايزال في الإمكان معالجة مايعيشه مشهدنا الإعلامي من عبثية وتأخر وانزلاقات إذا كانت هناك إرادة حقيقية للالتفاف حول جذور المشاكل المطروحة، وفي مقدمتها صياغة المرجعية القانونية الملائمة التي يتطلع إليها شرفاء الوطن في مهنة المتاعب التي يحتاج تطورها نحو الأفضل إلى مشاركة الجميع، فهل سنعيش هذه اللحظة التاريخية، أم أن رياح التغيير لن تهب على بلادنا كما يحدث الآن في أكثر من جهة جغرافية من عالمنا المعاصر..؟ فكفى من الاستخفاف بالفاعلين الصحافيين، ومنع وتجريم وتغريم واعتقال، وعلى من يراهنون على تقليص الهامش المتاح من الحرية أن يدركوا أنه لايمكن تغطية الشمس بالغربال، وأن استقلال هذا الوطن وتحريره وتطوره لابد أن يتحقق مهما كانت قوة الفرامل والحواجز والقيود، وفي مقدمة ذلك امتلاك الوطن لصحافة حرة ونزيهة ومناضلة ومواطنة، سواء أحب ذلك أعداء الوطن أو كرهوا، وعلى جميع الأصعدة.
02 يوليوز 2009