الثلاثاء، 7 أغسطس 2012


أليس من العار، تشبيه بحة صوت نعيمة سميح ببحة كلب ..؟! 

ليلة السبت/ الأحد 05 غشت الجاري، يتوقف بنا الزمان لحظة.. حيث أقدمت القناة الثانية على إعادة حلقة فنية، من حلقات "مسار قدمها الإعلامي عتيق بن الشيكر، خلال السنة الماضية، والتي كانت خاصة بتكريم الممثل عبد القادر مطاع .. وقد عمل معد البرنامج، كما جرت العادة على استضافة العديد من الوجوه الفنية المغربية للإدلاء بشهاداتهم في حق الرجل المكرم .. ومن بين الضيوف، نزل الممثل سعيد الناصري، الذي في إطار مساهمته في تنشيط حلقة التكريم، بحيث ظهر جليا أنه أبان عن تخليه عن الأخلاق الفاضلة التي يجب أن يتخلق بها الإنسان على العموم، والفنان على الخصوص، ونسي أن اللـه كرم بني آدم بالعقل وميزهم عن جميع خلقه..   وفضل صاحبنا عن طواعية الضرب بكل الجهود التي بذلها من قبل والتي أصبح بفضلها محط أنظار بعض محبيه والمعجبين بأدائه عرض الحائط، وتراءى له أن ينسلخ عن جنسه الإنساني الذي خصه اللـه به، وبدل المحافظة على فطرة اللـه، آثر أن ينتقل من كائن بشري إلى آخر حيواني، فقط لدفع الجمهور المتواجد ﺒﺎﻷﺴﺘﻭﺩﻴو، ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﻴﻥ أمام الشاشة الصغيرة ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﺤﻙ، نعم اختار تقمص شخصية "الكلب" وفي مجرى حديثه وهو في وضعه الجديد بين فئة الحيوانات، قال الكثير، ولم يقل شيئا .. لأنه فاته في ذلك احترام ذوق المتفرج .. الاحترام الذي هو أمانة في عنق الفنا.
والمثير في هذا الحدث، هو أن الناصري هذا أطلق للسانه العنان، وﺃﻋﻠﻥ ﻟﻠﻤﻸ ﺒأنه غير مسؤول عن كلامه، وخلص لتشبيه بحة (كلب إسباني) ببحة صوت الفنانة القديرة مطربة الوطن الأولى"نعيمة سميح"، وهذا ما دفع أحد الظرفاء للتعليق على الموقف قائلا : ( ملي وصلنا لرحبة لكلاب صافي ما بقى لا فن ولا فنانين ) الشيء الذي جعلني أدلي بدلوي وأقول، سعيد الناصري .. ليس هكذا تورد الإبل، فإن اخترت حشر نفسك في محيط الحيوانات، والكلاب على وجه الخصوص، فهذا من حقك ولا ينازعك فيه أحد، ولكن الذي هو ممنوع عليك، بل ومحرم، هو أن تشبه فنانة مغربية أعطت الكثير للأغنية المغربية، (بكلب) .. فهذا أظنه يدخل في باب الغيبة التي تعد اعتداء على شخصية الآخرين، وتشبيه بحة كلبك ببحة الفنانة نعيمة سميح هو بمثابة التحدث عن الغير بما يسييء إليه ويشوه سمعته، وليس بخاف أن الغيبة هي من الأعمال  المحرمة، ﻭﻫﻲ ﻤﻥ ﻜﺒﺎﺌﺭ ﺍﻟﺫﻨﻭﺏ، ﻟﻬﺫﺍ ﻴﻠﺯﻡ ﻤﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻭﻴﻔﻌﻠﻬﺎ ﺃﻥ ينتظر العذاب ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ، واللـه تعالى فصل في هذا الأمر بقوله عز وجل : > ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه< كما أن لرسول اللـه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حديث ﻗﺎل فيه : ﺃﺘﺩﺭﻭﻥ ﻤﺎ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ؟ ﻗﺎﻟﻭﺍ ﺍﻟﻠـﻪ ﻭﺭﺴﻭﻟﻪ ﺃﻋﻠﻡ، ﻗﺎل: ﺫﻜﺭﻙ ﺃﺨﺎﻙ ﺒﻤﺎ ﻴﻜﺭﻩ : ﻗﻴل ﺃﻓﺭﺍﻴﺕ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻰ ﺃﺨﻰ ﻤﺎ ﺃﻗﻭل ؟ ﻗﺎل: ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻤﺎﺘﻘﻭل ﻓﻘﺩ ﺍﻏﺘﺒﺘﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻴﻪ ﻤﺎﺘﻘﻭل ﻓﻘﺩ بهته (ﺃﻱ ﻅﻠﻤﺘﻪ ﺒﺎﻟﺒﺎﻁل ﻭﺃﻓﺘﺭﻴﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺫﺏ ) .
وﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺭﺕ ﺘﻨﺎﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻷﺒﺩﻱ ﺭﺃﻴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ، ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﺃﺭﻤﻲ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻙ، ﻻ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ نعيمة سميح، ﻭﻻ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻭﻡ إلى سعيد الناصري ﻋﻠﻰ ﺘﻬﻭﺭﻩ، ﺇﻨﻤﺎ ﻭﺠﺩﺕ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﻠﺏ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ، ﻭﻴﺜﻴﺭ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ، ﺤﻭل ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺭﺒﻁ ﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻷﻤﻴﻥ، ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺃﻭﻻ ﻭﻗﺒل ﻜل ﺸﻲﺀ، ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻷﻨﻬﻤﺎ ﻴﺤﻤﻼﻥ ﻭﻴﺴﺘﻘﻁﺒﺎﻥ ﻜل ﺍﻟﻁﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻭﺠﺏ ﺍﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺒﺎﻟﺘﺤﻠﻲ ﺒﺎﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﺓ، ﺤﺘﻰ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺭﻗﻲ ﺒﻔﻥ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺎﻑ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ، ﻻ ﺍﺘﺨﺎﺫ عباد اللـه ﻭﺼﻠﺔ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ ﻭالسخرية وﺍﻻﺴﺘﻬﺯﺍﺀ.

وفي الختام، لا يسعني إلا قول إﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﻋﻠﻰ فنانة .. وفي غيابها .. وبكلام لايسرها، ﻻﻴﻤﺕ ﻟﻺﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﻻ ﻟﻠﻤﻬﻨﻴﺔ ﺒﺼﻠﺔ، ﺒﻴﺩ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟناصري ﺃﻥ ﻴﻠﺘﺯﻡ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍمها، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺘﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ، ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺩ ﻗﻴﻤﺔ ﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻴﺤﺙ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻥ الإسلامي ﺍﻟﺤﻨﻴﻑ، ﻭﻤﻥ ﻀﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﻁﺒﻌﺎ، ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ الإنسان لأخيه الإنسان، ﻭﻟﻭ ﻻ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﻻﻨﺩﻟﻌﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﻜل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﺍﻟﻌﺩﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻐﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ، ﻤﻤﺎ ﻴﻔﺴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﻭﺤﻲ ﻟﻲ ﺒﺄﻥ ﺃﻁﺭﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻲ سعيد ﺍلسؤال التالي: " هل ﻤﻥ ﺤﻘك، ﺃﻥ تشوه سمعة فنانة مغربية كبيرة أحبها الجميع من خلال عطاءاتها، أمام اﻠﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻅﻔﺭ ﺒﻀﺤﻜﺎﺕ ﻤﺼﻁﻨﻌﺔ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﺔ، ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺇﻀﺤﺎﻜﻬﻡ، - ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻓﻜﺎﻫﻴﻴﻥ ﻤﺘﻤﻜﻨﻴﻥ ﻁﺒﻌﺎ- ﻭﻫل ﺘﺩﻓﻊ ﺍﻟﻭﻗﺎﺤﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ غيرهم ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﺴﺨﺭﻴﺔ ..؟ ﻭﻫل .. ﻭﻫل.. ؟؟! ﻭﻫل ﻴﻘﺒل (ﺍﻟﺴﻲ الناصري) ﺒﺎﻥ ﻴﺘﺨﺫﻩ ﺃﺤﺩ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻹﻀﺤﺎﻙ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ.. ؟.


! حــــرام .. الدكالي يكرم، والتلباني يتألم..

ألا أونو .. ألا دوي .. ألا ثري ..
من يفتح المزاد من يشري..
الفرح والآلام   اليأس والأحلام
الصمت والكلام  الحرب والسلام
  
   
 المطلع أعلاه، من أغنية "سوق البشرية" التي حصلت على تتويج عربي تاريخي، تمثل في الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للأغنية في القاهرة سنة 1999، من القرن الماضي .. والتي كانت أيضا موضوع  دراسة أنجزتها الدكتورة الأستاذة الجامعية الباحثة، نعيمة الواجدي، تحت عنوان (النص الزجلي في الأغنية المغربية : "سوق البشرية" نموذجا) وخطت كلماتها الأنامل الذهبية للشاعر الغنائي .. الذي يعتز بمغربيته،  الذي حفر اسمه إلى جانب أكبر المبدعين المغاربة .. الأستاذ عمر التلباني، الفنان الحقيقي الذي يملك القدرة أكثر على الخيال والتصور .. ويستطيع أن يحقق الأكثر .. ويعطي الأكثر .. الذي يعد من بين الشعراء الغنائيين المغاربة الكبار، الذين عاصروا الزمن الجميل، بحيث أنه يقوى على إحياء الكلمة قبل ولادتها، وذلك يظهر في ابتكاره لمواضيع تتجاوز العرف الغنائي، كما هو الشأن ل. "مونبارناس" .. "ثقب في الفضاء" .. "اللـه حي"  .. "غزاة" وغيرها من الروائع،  التي ميزته بلون خاص في مجال الأغنية العصرية، التي جمعت بين الطابعين الشرقي والمغربي.
  
أجل، إنه الشاعر المتميز الذي ميزته أعماله الفنية الخالدة، التي يسعى دائما بصدق من خلالها إلى خدمة المشاعر الإنسانية .. المعتاد على العمل في صمت، وفاء للأغنية المغربية لما يزيد عن أربعين سنة .. بعيدا عن الأضواء .. لايستجدي أحدا كما هو حال الكثيرين من زملائه الفنانين .. لايشكو ضائقته لأحد، يفيض شاعرية، ويعشق الكلمة الصادقة والصور الحالمة الموحية ..  صاحب القصائد الكثيرة المتنوعة الأغراض والموزعة على الوجدانيات .. الغزليات والوطنيات.. الذي يهوى معانقة سماء الخيال الشعري .. ويعتبر الشعر معاناة .. وحالات نفسية لا تخضع لمقياس معين .. وتتجاوز الزمان والمكان .. ذاك الذي يقول:" إن الكتابة عنده تساوي معنى الوجود" هذا الإنسان الذي أعطى للميدان الفني المغربي، بل وللوطن أكثر بكثير مما أخذ منه .. والذي منذ أن وطأت قدماه الساحة الفنية المغربية لم يبخل علينا بروائعه .. غنى له  كبار الفنانين المغاربة .. وقد كان له الفضل الكبير في تغيير المسار الفني لعميد الأغنية المغربية، عبد الوهاب الدكالي، وساهم من جهته في إلتحاقه بركب الحضارة الفنية .. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الداعي لهذه المقدمة الطويلة، التي ربما يصعب فك طلاسمها من الوهلة الأولى، هو الاحتفاء الذي حظي به مؤخرا الدكالي، خلال المهرجان الدولي للفنون والثقافة "صيف الاوداية"٬ الذي نظمته وزارة الثقافة٬ بتعاون مع المجلس الوطني للموسيقى، تكريما له على الأعمال الفنية المتميزة التي قدمها٬ خلال مساره الفني،  إلى هنا فالأمر عادي ولا شيء يدعو إلى الاستغراب،  ولكن المضحك المبكي، وما يحز في النفس أكثر، ويدمي الفؤاد، هو ما جاء في الكلمة التي تناولها بالمناسبة حسن نجمي، الرئيس السابق لإتحاد كتاب المغرب،  ورئيس سابق لبيت الشعر (ياحسرة) حيث نوه بالتجربة الفنية لعبد الوهاب الدكالي، مذكرا " ... بأن الاحتفاء بعبد الوهاب يعد تكريما له على مساهماته المتفردة في إرساء روح السلام، وتكريس قيم التسامح والمحبة٬ علاوة على مساره التجديدي الذي أثرى من خلاله الأغنية المغربية ..." ناسيا (الشاعر والصحفي) حسن نجمي أن للأغنية ثالوثا، يتمثل في الكلمة .. اللحن والأداء، لذلك، كان الأحرى به  الاعتراف والتنويه  بكل المساهمين في النجاحات التي تحققت، وليس مجاملة البعض والتملق لهم على حساب الآخرين، ولايفوتني هنا الاستشهاد بجواب لسيدة الطرب، كوكب الشرق أم كلثوم عن سؤال طرح عليها ونقل عبر الأثير قيد حياتها، مفاده: " الكلمات .. واللحن .. والصوت .. فأي هذه الأركان هو الأهم ..؟ حيث كانت صريحة في جوابها وقالت : (الكلمات هي الأهم .. الشعر هو الركن الأساسي في الأغنية الناجحة  لأن الملحن ينفعل مع الكلمات الجميلة فيبدع ألحاناً فريدة .. والمغني يتفاعل مع الشعر الجميل فيخرج الغناء من أعماق إحساسه ..) وأقول أنا، ومعي كل أصحاب الذوق السليم .. التلباني الشاعر، هو أول إنسان تجدر الالتفاتة إليه، -على رأي أم كلثوم- لأنه هو صاحب الشعر ومبدعه .. علاوة على ذلك، إنه يوجد في الوقت الراهن في حالة صحية لا تبشر بخير، ما دام تنكر له الجميع، وبخاصة أقرب المتعاملين معه في الميدان الفني، وعميد الأغنية المغربية، عبد الوهاب الدكالي في هذه الوضعية الصعبة يرأس جوقة المتنكرين ..
لما أشير هنا إلى خبر تكريم فنان مغربي، من عيار الموسيقار عبد الوهاب الدكالي، فإني لا أريد أن يذهب قلمي بعيدا ليُفسر كلامي بأني ألوم الذين ساهموا في حفل تكريمه، وعلى رأسهم وزير الثقافة، فقط من أجل اللوم، ولكن أردت دعوة الجهات المختصة إلى الالتفات إلى الفنان الهرم، الشاعر التلباني، شريك عبد الوهاب الدكالي في النجاح في مجال الأغنية المغربية المتجددة، والذي مهد له الطريق بكلامه للوصول إلى المكانة المشرفة، التي يتبوؤها اليوم في العالم الفني .. إنه التلباني، الذي تعامل مع العديد من الملحنين المقتدرين، ومشاهير الأصوات، الأحياء منهم، وآخرون أصبحوا في تعداد الأموات، ورغم كل ذلك لم يلتفت إليه أحد، سواء من هؤلاء، أو من أولائك المسؤولين الذين بأيديهم زمام أمور الفن  ببلادنا .. قلت، لم يلتفت إليه أحد، خصوصا أثناء المحنة التي مر منها مؤخرا، حيث ألم به مرض فريد من نوعه، اضطره إلى الدخول على وجه السرعة إلى إحدى المصحات الخاصة بمدينة الدار البيضاء، وما أدراك ما المصحات الخاصة ..! حيث أجريت له عملية جراحية تحمل لوحده مصاريفها، رغم قلة ذات اليد .. كما أنه لازال على موعد مع عملية أخرى في القادم من الأيام، اللـه وحده يعلم مصيرها .. كل هذا يجري في غياب مسؤولي النقابات الفنية، الذين يتسابقون فقط على المناصب لحصد الغنائم على حساب الفنانين المغلوب على أمرهم، الذين يفضلون العيش بكرامة، لأنهم يدركون تمام الإدراك، أن الحياة بلا كرامة لا قيمة لها، وقد يكون السؤال المشروع، لماذا يدخل مثلا الفنان عمر التلباني للتداوي في مصحة خاصة وعلى حسابه الخاص، وهو لاحول ولا قوة له،  بينما هناك في عاصمة المملكة، مستشفى الشيخ زايد، يستقبل بعض المحسوبين على الميدان الفني (ظلما وعدوانا) والذين ليس بينهم وبين الفن أي صلة ..؟  ولماذا لايستفيد أبناء الشعب على قدم المساواة  من المصاريف التي تصرف على مثل هؤلاء ..؟ ولماذا لايُلتفتُ إلى شاعرنا المغربي الإنسان البسيط، لمساعدته على تخطي هذه الأزمة الصحية، ولو من باب مكافأته على ما قدمه لهذا البلد من كلام هادف موزون ..؟
أملي أن تكون هذه الهفوة التي سقط فيها عبد الوهاب على وجه الخصوص، ووزارة الثقافة على العموم،    -ربما-  عن غير قصد .. قلت، أملي أن تكون  بمثابة سحابة صيف، تمر سريعا ليعود أهل المجال الفني ببلادنا والمتحكمين فيه إلى ما يقتضيه الواجب الإنساني، وما يفرضه الضمير المهني، ليولوا بالتالي العناية الواجبة للشموع التي تحترق من أجل إضاءة الطريق للآخرين.