الاثنين، 29 نوفمبر 2010

                 ما لم  تنقله صحافة
السوق الدولي الأول للاستثمار ..!


التنظيم  ..وما أدراك ما التنظيم .. هذا المجال الذي  يعج بدخلاء على المهنة،  يدعون الاختصاص في التنظيم  .. مع أنهم أبعد ما يكونون عن ذلك، ولهذا فلم يكتب له أن يوضع على السكة في الاتجاه الصحيح، رغم أنه هو العمود الفقري لنجاح كل التظاهرات، منها الرياضية .. الفنية أو السياسية، وقد أسيل مداد كثير في هذا الاتجاه، ولكن دون جدوى، لأن الذين يغوصون في هذا البحر، لايهمهم التنظيم في حد ذاته، بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية، ولم أكن لأتناول  موضوع هذا الميدان الميؤوس أصلا من إصلاحه، لولا حدث السوق الدولي الأول للاستثمار، الذي نظم من طرف اتحاد المستثمرات العرب بالدار البيضاء من 23 إلى 26 نونبر 2010، تحت شعار: "الاندماج الاقتصادي .. أي آفاق للعالم العربي والاستثمار ؟"  الذي كتب لي أن أحضر فعالياته، بحيث تمكنت من  تسجيل عدة نواقص، أثرت على سير المحاور التي اعتمدتها المستثمرات العربيات، حبذا لو اتخذت من طرفهن بعين الاعتبار،  ليلا يتم السقوط فيها مستقبلا، وها هي موجزة في السطور التالية:

1.  شهدت الجلسة الافتتاحية بعض مظاهر عدم التنظيم، الذي ذكر في مستهل هذا الموضوع، بحيث أبانت اللجنة المنظمة عن عجزها على ضبط الأمور داخل القاعة، وتجلى ذلك أساسا في التفريق بين الضيوف ورجال الإعلام  والمؤتمرين، كما أن المؤتمر نظم بعيد استشهاد عدد من أفراد القوة العمومية، خلال مجزرة مخيم "اكديم ايزيك" بضواحي مدينة العيون، كان من اللازم على المؤتمرات (المنظمات) أن يبرمجن قراءة الفاتحة على أرواح شهداء الوحدة الترابية، عند افتتاح المؤتمر، وهذه لازمة جاري بها العمل في كل المحافل الدولية، وذلك أضعف الإيمان للاعتراف بتضحيات الذين قدموا أرواحهم فداء لأمن الوطن، من جهة، ومواساة عائلاتهم المفجوعة من جهة ثانية، غير أن السيدات المستثمرات فضلن بدل ذلك، تكريم بعضهن البعض، وتقديم الهدايا.

2. رغم أن المؤتمر انعقد في بلد عربي، لغته الرسمية هي اللغة العربية، وبالرغم من أن معظم الحاضرين هم عرب، يتكلمون لغة القرآن، هذا علاوة على أن آلات الترجمة الفورية متوفرة، إلا أننا نجد أن اللغات الأجنبية قد فرضت نفسها، وتم استخدامها بشكل رئيسي في إعداد أوراق المداخلات وفي إلقائها كذلك، من طرف المتدخلين المغاربة، وكذا رؤساء الجلسات أنفسهم، وهذا سلوك كان من الضروري تفاديه، لو انتبهن المنظمات إلى الإحراج الذي سببه هذا التعامل اللاوطني - إن جاز التعبير- مع لغة الضاد، وفاتهن أن أي حدث ينظم داخل المغرب تغيب فيه اللغة العربية، يعد فاشلا بكل المقاييس.

 3. عدم عدل أحد مسيري الجلسات، أثار سخط بعض المتدخلين الذين استاؤوا من عدم الإنصاف وتكافؤ الفرص، بحيث كان المعني بالأمر يعطي الضوء الأخضر (للمحظوظين) من أجل التسلط أكثر من اللازم على الوقت المحدد للمداخلة، وكان ذلك طبعا على حساب غيرهم، الذين في غالب الأحيان كانوا يتوقفون عن إتمام إلقاء مداخلاتهم اضطراريا.      
4. أمر آخر لايقل أهمية عن كل ما سبق .. وهو أنه في الفترة المبرمجة للاستراحة، كانت توزع المشروبات  والحلويات داخل قاعة الجلسة أثناء المداخلات، بحيث يصبح الكل مشغول بأمر الحصول على نصيبه من المأدبة، ليذهب التركيز، وتشغل الأفكار بالأكل والشرب، ليبقى المتدخل كمن (كيعاود زبور داوود) وهذا ما كان يجعل الجلسات تعرف منحى آخر، ويدفع المتدخل إلى الإحساس بالاهانة، حيث يضطر إلى إنهاء مداخلته دون الوصول إلى الهدف، وفي هذه الحالة يكون المتضرر الأول هو الجمهور الحاضر الذي يحرم من الاستفادة، وتبقى عدة أسئلة موجهة إلى المتدخلين في الموضوع عالقة.
5.  وكما جرت العادة .. على هامش كل المؤتمرات، تقام  وجبات غداء، وهذا بالفعل ما عمل عليه المنظمون، لكن وجبات مؤتمرنا هذا، حظيت بنصيب الأسد من الفوضى العارمة، بحيث أن طريقة "اخدم نفسك" هي التي كانت سائدة، ودون رقابة طبعا، الأمر الذي أحدث ضجيجا صاخبا داخل المقصف، ودفع بعضهم إلى الاستحواذ على أكبر كمية من المأكولات، مما جعل بعض الخجولين يخرجون  على رأي أهل الكنانة من ( المولد بلا حمص ..!) وهذا كذلك ينبأ بضعف التنظيم، وعدم قدرة المنظمات لهذا المؤتمر على القبض على زمام الأمور، من أجل الوصول إلى النجاح المرجو للحدث.
6. خلال الجلسات، التي عرفت اختلالا في موعد انطلاقها، حدث ما يثير الانتباه، حيث أن  مؤتمرة  من الشقيقة تونس كانت تتحرك باستمرار كالنحلة، ولم يكن يهدأ لها بال حتى تظفر بموافقة من إحدى سيدات الدول الإفريقية، ضامنة بها التعاون فيما بينها وبين دولة تونس في مجال الاستثمار، وهذا عكس مؤتمراتنا المغربيات، اللائي لم يكن يظهر لهن خيال إلا نادرا داخل قاعة الجلسات، ولم يكن يدر بخلدهن أبدا استغلال الفرصة، من أجل تنمية علاقات اقتصادية، واستقطاب مقاولات .. ونساء أعمال، قصد التعاون وإقامة مشاريع بالمغرب، تعود على الجميع بالنفع، كما هو حال الفاعلات الاقتصاديات الأخريات.
  7. تعرف نهاية كل مؤتمر تسطير توصيات، تكون بمثابة خلاصة لما يكون قد توصل إليه المؤتمرون من          نتائج حول االموضوع المنعقد في إطاره المؤتمر، لكي تتحدد الغايات المرجوة من الانعقاد، والتي تساهم أصلا     في تطوير الأداء في المستقبل،   وولعل اللافت للنظر عند اختتام مؤتمر السوق الدولي الأول للاستثمار، هي          الفوضى التي شهدتها القاعة، بحيث اختلط الأمر على االمسير، الذي دخل في جدال مع بعض المنظمين حول       إتمام الجلسة، قبل أو بعد وجبة الغداء، وأثناء هذا الجو المشحون تليت االتوصيات، والحضور بين واقف           وجالس، وفي غياب الإنصات إلى الأستاذ الباحث الذي كلف بالدباجة حتى أصبحت (التوصيات) ككلام يلقى      دون فائدة في نهاية الجمع.   
·         وان كان من ملاحظة رئيسية تسجل، فهي أن المؤتمر لم يكتب له النجاح الذي كان متوقعا، رغم الميزانية الضخمة التي رصدت له، ورغم مشاركة عدد لايستهان به من الدول العربية والإفريقية وحتى الأروبية، وأكثر من جهة رسمية من المغرب، ونظرا لهذه الشهادة المتواضعة الحية، قد يذهب بعضهم إلى القول بأني متحامل على اتحاد المستثمرات العرب، لكني أتحمل بصدر رحب كل ذلك، في سبيل تطوير العمل الصحفي .. ولعل الزملاء الذين حضروا فعاليات المؤتمر "فعليا" يعرفون أكثر من غيرهم مدى مصداقية ما أنا بصدد قوله.