الجمعة، 11 فبراير 2011

دعوة 20 فبراير "هي فوضى"..!
كنت  فيما سبق، قد  شاهدت فلما تحت عنوان " هي فوضى"  بقيت مشاهده راسخة في خيالي، واني هنا لست بصدد تقديم نقد فني للفلم، ولكني أجد فيه بعض المعطيات والدلالات، التي تنطبق على بلادنا في الوقت الراهن، بحيث أن الفوضى موجودة في جميع الميادين وعلى جميع الأصعدة، ومن الصعب على الإنسان السوي أن يستوعب ما يجري حوله، وبالضبط  خلال هذه الأيام التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وخصوصا لما طفت على السطح مجموعة مجهولة، يدعي مكونوها - الذين يتسمون بالغرور- ملكيتهم  للزعامة والريادة  في كل شيء، الذين استغلوا الأحداث التي حلت ببعض بلدان المعمور،المتمثلة في  .. نار الانتفاضة في تونس .. يوم الغضب في مصر..  يوم الحساب في اليمن  ويوم الانتقام في الجزائر، حيث انتفض المواطنون هناك، احتجاجا على زعمائهم  وحكامهم، الذين تستهويهم كراسي السلطة ذات الجاذبية، والتي لاتترك للجالسين عليها القدرة على تركها طائعين .. ولا يجادل من له عقل، رغم  كل ما حدث ويحدث في أن هذه الانتفاضات والتظاهرات التي اتخذ لها متزعموها أسماء مختلفة، منها على سبيل المثال:  ثورة الياسمين .. ثورة شباب مصر الواعد، أو غير ذلك من الأسماء التي جاءت على غير مسمى، قلت لا يجادل أحد في أنها  انحرفت عن طريقها الحقيقي، وأن  ما جرى على إثرها يعد أمرا خطيرا، يجعلنا نصطدم كليا مع واقع أليم، بل ومرير، تشهده الشعوب العربية دون استثناء.
وفي ظل هذه الفوضى .. أراد  أولائك الذين أخضعوا لعملية غسيل المخ، التي أجريت لهم بمنهجية واحترافية داخل دهاليز سرية لتثبيت أطروحات معينة، وأحشيت عقولهم بأفكار شيطانية، لا ديننا ولا عاداتنا لها صلة بها، تدعو إلى إشعال فتيل الفتنة بين العباد .. أرادوا أن يركبوا على أحداث الآخرين، ليعلنوا بطولاتهم الفاشلة طبعا، واستغلوا من جهة أخرى، التفتح الذي تعرفه بلادنا على وسائل التواصل والتكنلوجيا الحديثة العهد، والتي بدأت بصورة عشوائية، ودون أي نظام يذكر، حتى أصبحت تشكل خطرا داهما على هويتنا الدينية والوطنية، رغم أن من أهم مهام الدولة - وهذا شيء مؤكد - الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، و"الأمن الإعلامي" أيضا، الذي هو سلاح موازي لما تملكه كل دولة من أسلحة، ويجب أن يتجاوب مع بيئتنا ومع واقعنا، ليكون التفتح على الغير تفتحا يرمي إلى جلب الايجابيات وصد السلبيات، وفي غياب هذا الجانب .. وسكوت المسؤولين عندنا، الذين لم يعدوا أي شيء لمواجهة هذا الخطر، وظلوا مثلنا يتفرجون تفرج العاجز عن النطق والتحرك، تسنى لهؤلاء بإطلاق صيحاتهم المسمومة عبر موقع التواصل الاجتماعي " الفايس بوك" لدعوة المواطنين المغاربة على الصعيد الوطني إلى الانتفاضة والنزول إلى الشوارع، من أجل التظاهر الذي حددوا له تاريخ 20 فبراير الجاري، بشأن عدة مطالب، منها مثلا : - حسب رأيهم-  تحقيق كرامة الشعب المغربي عبر التعديلات الدستورية، تقليص صلاحيات الملك وحل الحكومة والبرلمان، ولكن الغريب في الأمر، والشيء الذي حير عقول الكثيرين، أن لا أحد يعرف من هي الجهة  أو الجهات التي نصبت نفسها دون سابق إعلام مدافعا عن الشعب المغربي، في جهل تام بأننا كلنا وطنيون، والمصلحة العامة هدف يسعى الجميع إلى تحقيقها، كل بحسب جهده وخبرته، والديمقراطية هي قاسمنا المشترك، وهمنا الجماعي وغايتنا الفضلى، ونضالنا الحضاري لتأمين شروط العيش الكريم، ومستويات المعيشة المجتمعية مستمر ولا تنازل عنه، أحب من أحب وكره من كره، وهنا تقفز أسئلة  ملتهبة كالجمر، مفادها، لماذا ينتفض هؤلاء للاستفراد بهذه المباديء، ولماذا نصبوا أنفسهم دعاة الوطنية  ضدا على إرادة الشعب، ولماذا يتضامن معهم بعض المستصحفين، ذوي الأقلام المأجورة، والمهرجين الإعلاميين (ليطبلوا لهم ويزمروا) ويباركون لهم انتفاضتهم، ظانين أن هذه اللعبة المبتكرة  قد تنطلي على الشعب الحريص على شرف الأمة وعقيدتها المقدسة، وقد يقول قائل بأني بتناولي لهذا الموضوع، أريد نفي ما يشهده الوطن من فساد، متمثل في انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان، وبطالة منتشرة تنخر أوصال الشباب المغربي الحامل للشهادات العليا، والفقر المستشري في المجتمع، أو أريد قول أننا نعيش في العالم الفاضل، وأننا ننعم بكل الوسائل الضامنة العيش في الرفاهية أو أي شيء من هذا القبيل، لا..  ولكن لا يجب أن يحل التشاؤم محل التفاؤل، وأن لا نسمح بتنظيم حملات شعواء ومسعورة، تقاد ضد وطننا، وضد ما حققناه من مكاسب، طبعا قد يعجب أصحاب الدعوة المشؤومة من هذا المقال، ولكن هذا قدرنا، وهذه حقيقتنا التي يعرفها العادي والبادي ولا مفر لنا منها، وليعلم الذين تبنوا دعوة 20 فبراير، أنهم بهذا الفعل يفجرون ضجة نحن في غنى عنها، ويفتحون الباب على مصراعيه ليتأتى لمقتنصي الفرص الوصول إلى أهداف تخريبية، وبالتالي هم يقدمون على ارتكاب جرم في حق وطنهم لا لشيء، إلا أنهم يريدون نصرة أفكارهم ومواقفهم الخاصة، التي تتنافى مع الروح الديمقراطية، التي يدعو إليها الجميع، وقد يذهب بعضهم إلى نعثي بأني تقمصت شخصية محامي للدفاع عن الوطن، ولهؤلاء أقول: "  إنني صحفي، ودوري ك. ضمير للأمة يدفعني إلى الخوض في جميع الاتجاهات، وهذا نابع من مشكلة كل من شب على شيء، شاب عليه، كما يقول المثل، وقد شببت على حب هذا الوطن الذي احتضنني حتى صار في دمي وصرت من المدافعين عنه، ولا أرضى عنه بديلا، إذن على الدعاة أن يحاولوا الخروج  من حالة اللاوعي والتغييب التي أخضعوا لها ".
وأجدني لا أجد ما أختم به مقالي المتواضع هذا، إلا كلمات كانت قد قالتها رابعة العدوية : " يا رب .. لو كنت أعبدك مخافة النار فأحرقني بها، ولو كنت أطمع في الجنة فاحرمني منها، وان كنت لا أعبدك إلا لوجهك فلا تحرمني مشاهدته، وهكذا يمكنني أن أقول ( للدعاة المزعومين) إن كنتم تحلمون بالبطولة وركوب حصان الشهرة على حساب استقرار المغرب واستهداف ثوابته المقدسة، فهذا هدف صعب المنال، وسوف لن تصلوا إلى ما تكنه قلوبكم لهذه الأرض من حسد و ما تضمرون لها من مكائد، وأن نواياكم ودعواتكم محكوم عليها مسبقا بالفشل، وسوف تتحملون العواقب الوخيمة جراء هذا التهور، لأنكم فقط أصحاب مصالح ضيقة .. وأنكم قطعا تبحثون عن المنافع الذاتية، وذلك عبر تسخير بيادق، همها الوحيد الظفر بلقمة عيش تقها شر الجوع، أو وعد كاذب بمستقبل زاهر.