الثلاثاء، 7 يونيو 2011

رجال و رجال، و رجـــــال ..  ! 
 اتضح لي جليا، ولاشك أنه اتضح أيضا لكل عاقل، أني لم أكن مخطئا لما تناولت في مقال سابق، موضوعا اخترت له من العناوين "لالاهم لعروسة"  .. انتقدت في لحظته كل ما يحدث من حركات لاتمت بصلة لنا كشعب مغربي له تقاليد وأعراف، تمثلت في رقص .. عناق .. قبلات حارة، تبادلها المشاركون في البرنامج، نساء ورجالا على حد السواء أمام العموم، وحماقات أخرى ضاربين بمبادئنا وقيمنا عرض الحائط، واليوم، أجد أن بعض فقرات المقال تصلح إعادتها من باب " وذكر، فان الذكرى تنفع المؤمنين" ، وذلك، بعد إصرار الطاقم الساهر على البرنامج السماح لتلك (اللوحات) التي أصدق ما يمكن أن يقال عنها أنها ليست من شيم أفراد مجتمعنا، سمحوا لها .. أن تعرف طريقها من جديد إلى المتلقي المغربي، ومن خلاله إلى جميع المتلقين في العالم، ومادام أن القاعدة تقول لكل حادث حديث، وللذين فاتهم الاطلاع على مضمون المقال إبان نشره، وقفة مع السطور التالية : رحم اللـه زمنا كان فيه الرجل رجلا  .. رجلا بكل ما في الكلمة من معنى، كان يحافظ على أهله .. يذوذ على شرفه ويستر عورة حرمه، امتثالا للمثل العامي الذي يقول -الرجل يموت على بلادو ولا على أولادو- أجل، كان الرجل لايترك للغير فرصة التمتع بأهل بيته، اعني لايترك زوجته عرضة لأعين المفترسين .. كان الرجل باللأمس القريب حارسا أمينا على مفاتن زوجته، هذه الزوجة التي حافظ أجدادنا عليها وحفظوها، لأنهم كانوا يشعرون بأن حفاظهم على المرأة وحفظها يعد من الواجبات التي تصل حد القداسة .. ثم رحم اللـه زمنا كان فيه الرجل فعلا محافظا على كرامته وساترا لعورته، أما اليوم، أما اليوم .. فان ذاك الرجل الشهم الذي كان يحسب له ألف حساب، وكانت كلمته مطاعة وتهابه النساء، قد غفل .. وكما هو معلوم، فالغفلة هي لحظة الضعف، التي يفقد فيها الإنسان السيطرة على منافذه، فيتسلل منها من يتمكن منه ويسيطر عليه ويصبح مسلوب الإرادة، ويكون بالتالي مسيرا غير مخير .. ويحز في نفوسنا أن رجالنا أصبحوا لايحركون ساكنا .. يرون بأم أعينهم زوجاتهم يعرضن مفاتنهن أمام الجميع دون حياء ولا خجل، ولم يمتثلوا البتة لقول رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم:" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقوله عليه السلام إن اللـه سائل كل راع عما استرعاه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته أحفظ أم ضيع؟ "، ولكن ما يحدث في زمننا هذا، يؤلم بشدة، ويصعب على العاقل تصديقه أو يقتنع بجدواه، لأن كل شيء بات على غير عادته، وأصبح المرء يخجل عندما يشاهد تلك المناظر التي أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا تشرف بلدا يدين بدين الإسلام .. مناظر، تندر أن الأمة ضاعت، فلا مأمون ولا أمين إلا من رحم ربي .. وهذا هو الذي يدعونا إلى المطالبة بأن تتخذ كافة التدابير والإجراءات، التي من شأنها أن تعيد هيبة الرجل، ويعود بالتالي سيد بيته ليقضي على الانفلات الذي حدث فجأة ودون سابق إعلام .. وأنا أعلم مسبقا أن هذا المقترح، يكون صعبا في بداية الأمر، نظرا لما أصبحت تعرفه الأسر المغربية من انحلال، ومن تقليد أعمى للغرب، لكنه سيكون سهلا على مدى فترات قصيرة، ونتمكن من إعادة بناء المجتمع النموذجي.
ولم يكن سبب إعادة نشر بعض فقرات المقال المشار إليه رغم كونه نشر في حينه، إلا التقليعة الجديدة (القبيحة) والتي أخاف مع تكرارها أن يألفها ويتقبلها المجتمع وتصبح مشروعة وإن لم نكن راضين عنها، قلت التقليعة، التي تتفضل علينا بها قناتنا الأولى (مشكورة) خلال هذه الأيام الساخنة من هذا الصيف الحار في إطار برنامج مسابقاتها " لالاهم لعروسة "  في طبعته السادسة، حيث اختلط من جديد الحابل بالنابل، واختلطت الأمور على العرسان المشاركين في المسابقة - الذين أفقدهم الطمع في الظفر بالفوز- أقول أفقدهم رجولتهم وعزة أنفسهم، وشخصوا لنا مسرحية خيل لنا من مشاهدها أننا شعب فقد إنسانيته، مما يدعونا إلى أداء أربع تكبيرات على كل مكونات هذا البلد، لأن المشاهد تتنافى مع ديننا الحنيف، وعاداتنا، وهذا ما يساعد على تفشي العديد من المصائب بين صفوف نساء ورجال هذا المجتمع، وعلاوة على ذلك .. فان هذه التصرفات المشينة تعبر عن الانحلال وعن اللامسؤولية التي أصبح يحظى بها رجالنا الذين أصبحوا لاحول ولاقوة لهم، وبعبارة أخرى، أصبحوا مغلوبين على أمرهم .. ونافلة القول، أن المسابقة لم تأت مرة أخرى بجديد يذكر، اللهم إلا كثرة الضجيج .. والتصفيق المسبق (الجاهز) والغير مجد بتاتا، وإهدار الأموال الطائلة التي كان الأولى للساهرين على البرنامج صرفها في ما يفيد، بدل ضياعها في طبعة هي صورة طبق الأصل لما سبقها من طبعات .. رقص فاضح .. حركات لا أخلاقية، يتنافس من خلالها العرسان، بحيث يعمد كل واحد إلى عرض ما استطاع من مفاتنه، هذا إضافة إلى الأسئلة التي تمس في العمق الحياة الشخصية للأزواج والزوجات، بحيث أرغم كل زوج على إعطاء لمحة للمشاهدين عن الحياة الخاصة، وروى بدقة أسباب اللقاء وظروف الارتباط، و .. و .. الخ، هذا علاوة على ما يقوم به أحد أعضاء فريق التنشيط، الذي لم يكف منذ بداية البريمات عن التغزل في العروسات، كتوجيه كلمات تثير الغرائز، من قبيل ( جيتي تحمقي ) والكثير من الكلام الذي يحرم على المرأة سماعه من لدن رجل غريب، أشياء مثل هذه وغيرها، تقع على الخشبة، أما الكواليس، لا يعلم خباياها إلا اللـه، مع العلم أن صاحبنا لم يقف عند هذا الحد، ولم يكتف بالتغزل في المتباريات على لقب "لالاهم لعروسة" فحسب، بل تغزله طال حتى الأمهات، واحتراما لمشاعر القراء من جهة، ثم ضيق الوقت من جهة ثانية، لايسعني إلا الاكتفاء بهذا القدر.
وتجدر الإشارة هنا، أن اللوم، كل اللوم هو موجه بالدرجة الأولى للمسؤولين عن البرنامج، الذين لم يتعضوا من الأحداث التي عرفتها الطبعات السابقة، والتي أسيل في شأنها مداد كثير، وجلبت لهم الكثير من الانتقاد، بحيث لم يكلفوا أنفسهم تخطيط حدود، تكون بمثابة الخطوط الحمراء التي لايسمح بتخطيها من طرف المتبارين، أو المنشطين على حد السواء، ولا حاجة لي أن أتطرق هنا إلى المستوى الهابط للحظات الترفيه الذي تعرفه (البريمات) فذلك مجال آخر يلزمه متسع من الوقت، إنما أريد فقط أن أنبه إلى مظاهر الاستهزاء والتهكم التي تمارس على الجمهور الحاضر داخل البلاتو على الخصوص، ومعشر النظارة الذين يتابعون "البرنامج" المهزلة تحت أسقف منازلهم على العموم، وألفت أيضا انتباه الذين بأيديهم زمام أمور إعلامنا العمومي بأن البرنامج المذكور ما هو إلا مضيعة للوقت، وأبطاله ليس لهم هدف إلا الطمع في المال والشهرة على حساب الشرف والعرض، وحتى لا تصبح  مناظره (البرنامج) القبيحة أمرا مألوفا لا يثير الانتباه، سارعوا جزاكم اللـه إلى حذفه من شبكة برامجكم، لتريحوا وتستريحوا.
وختاما، لابد من توجيه الأسئلة التالية: ماهذه الوقاحة " يارجال برنامج لالاهم لعروسة " ما هذا البرود .. زوجتك تعمل كل مابوسعه أن يظهر مفاتنها، مع ما يصاحب ذلك من تبادل القبلات الحارة أمام أعين الملايين .. إنها حقا لمصيبة عظمى تستوجب قراءة الفاتحة على أرواح أشباه الرجال مثلكم .. ماذا تقولون يارجال زمننا للتاريخ .. ولأبنائكم غدا، وكيف تعلقون لهم على صوركم التي لاتشرف .. وماذا .. وماذا ..؟ تساؤلات كثيرة سوف تجيبنا عنها الأيام القليلة المقبلة، لتتأكد لنا فرضية، بأن ثمة شيء لا يتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا يحصل داخل الأسر المغربية، وهناك أيضا أسئلة كثيرة والمقام لايسمح .. وللـه في خلقه شؤون.