الاثنين، 8 نوفمبر 2010

السلوك اللاحضاري
الذي أصبحت تعرفه ساحتنا الفنية،
يتنافى وديننا الحنيف    

إن أهم شيء يفرض الفنان - كان ملحنا .. مغنيا .. أو ممثلا- على المتلقين هو إبداعه الرائع، وألحانه العذبة، وصوته الذي يتغلغل ويصل إلى شغاف القلوب، ويلامس الأرواح بعذوبته .. وأداؤه، وتقمصه الحقيقي للشخصية الذي يجعل المتفرج يهيم بخياله في عوالم شتى، بما فيه من روعة وإحساس مرهف.
      لكن من أين لبعض فنانينا - كان اللـه في عونهم- بذلك، وهم الذين لا يفقهون شيئا، لا بالنسبة لمهنتهم كفنانين،
( يا حسرة) أو كعناصر في وسط المجتمع المدني، ولا يتوفرون على الثقافة العامة، لأن معظمهم تسيطر عليه الأمية والجهل، الجهل .. الذي يعد عارا، طبقا للمثل التالي: " العلم نور و الجهل عار" ومادام أن واقع الفنان الحق يحتم عليه أن يكون مبدعا رائعا .. فهذا أيضا يلزم عليه أن يكون مثقفا، وليس مثقفا وحسب، بل مطلعا على جميع الثقافات، و ملما بجميع الميادين، حتى يتمكن من أن يستأسد  في مجاله، ولا تختلط عليه الأمور، ويفقد توازنه،
وهذا ما يجره غالبا إلى الانزلاق، حتى يحيد عن الصواب، وربما يحصل ما لا تحمد عقباه، وهذا كثيرا ما يقع في عدة محافل، بحيث يقع في الفخ كل فنان (عاجبو راسو) يشارك في كل المجالات، و يصر على الظهور في كل المناسبات، ويلهث في كل الاتجاهات مدعيا النبغ، ولكن يحدث أن يعمي الجشع أعين الذين يبحثون عن الثروة من وراء ما يقدمونه من (فن)، ويذهبون فجأة ودون سابق إعلام إلى الهاوية، وطبعا هذا يعود إلى جهلهم وفراغ جعبتهم .
    ولايفوتني من أن أوجه هنا رسالة قصيرة .. و مهمة جدا،  ومتواضعة في نفس الآن، إلى معشر الفنانين الذين يعجبهم أن تطلق عليهم عبارة " فنان" - وهذا حقهم بطبيعة الحال - اعلموا أيها السادة، أن الفنان يحتاج إلى فن لخلق فنه .. ويحتاج إلى نضوج يدفعه إلى التألق والنجومية، وليس الخواء والبرتكولات الواهية، هي التي تميز الفنان، أو التي تجعله يصل إلى الناس، وليعلم هؤلاء .. أن مقياس تقدم الشعوب وتفوقها، يرتكز على عطاءات فنانيها المتميزة، وعقلياتهم المتزنة
      ولم يدفعني إلى هذا الاستهلال، إلا الصور المشينة التي ظهرهن بها بعض فناناتنا من الممثلات، وهن على التوالي: سناء عكرود، التي سمحت لنفسها أن تظهر في لقطات جد حميمية في فيلم " احكي يا شهرزاد " مع الممثل المصري محمود حميدة، مشهد يخدش الحياء .. مشهد لم يألفه المغاربة .. مشهد تتقزز منه النفوس، ودون حياء، ولم يهرب الدم من خديها، وفي تصريح لإحدى اليوميات، قالت عكرود عن الوضعية الساخنة التي جمعتها مع محمود، أنها  عادية مادامت مرتبطة بعلاقة زوج وزوجته، ولم تقف قلة حيائها عند هذا الحد، بل زادت  ودافعت عن لقطاتها الإباحية، وقالت إن هذه اللقطات العارية، هدفها تعرية ما يوجد في الواقع، وأن طرح الموضوع بهذه الجرأة هو شجاعة، ( وشجاعة هذي في قلة الحيا ) وبهذا تكون صاحبتنا قد ضربت كل ما بذلته من مجهودات في ميدان التمثيل عرض الحائط
      أما الفنانة منى فتو .. فهي الأخرى، التي ربما اشتدت عليها الحرارة وضايقتها، وأرادت أن تتخلص من ثيابها، فواجهت الجمهور ب. "لباس السهرات"، الذي سمح للأعين برؤية ما تحته مباشرة، وهذا في الحقيقة فن جديد على المغاربة، ولم تتعود عليه أعينهم التي اعتادت رؤيته فقط في لقطات أفلام أجنبية، فحبذا لو فكرت قليلا قبل الظهور بمثل هذا اللباس، وحافظت على سترها وعفتها، وأعفت العباد من الاطلاع على عورتها. ولكن الفضيحة العظمى،  التي جاءت بمثابة الطامة الكبرى،  وغطت كل فضائح فنانات هذا الزمن الأغبر، فهي الفعل المشين الذي قامت به  لطيفة أحرار، التي أخرجت وأدت بقاعة دار الثقافة الداوديات بمدينة الحمراء مؤخرا، عرضا تحت عنوان " كفر ناعوم " حيث فضلت المسكينة أن تعمل بالمثل القائل  " خالف تعرف " وفي حين  غفلة من المتفرجين، الذين كانوا ينتظرون أداء جيدا وفنا جادا، سارعت لطيفة إلى خلع سروالها أمام الملأ دون حشمة،  ودون أن تفكر فيما سيخلفه تهورها هذا من أذى للذوق العام، ولم يكفها نزع السروال، ولكن استرسلت  في نزع ما تبقى من ثياب حتى أصبحت وكأنها تستعد للسباحة في مياه شط من شطئان العري
      أرى و يرى معي كل الملاحظين، أن هذا السلوك اللاحضاري، الذي أصبحت تعرفه ساحتنا الفنية، يتنافى وديننا الحنيف، وتقاليدنا وعقيدتنا، وهو بعيد  كل البعد عن  سلوك وأساليب من سبقونا .. حين كانت قيمة الفنان قوية بأعماله الجيدة، وسيرته الشخصية التي لا غبار عليها،- وليس بفضائحه -  وكانت خطواته واثقة ومدروسة، لهذا ثبت أنه عندما يكون الإنسان فنانا فهذه ميزة، وعندما يكون مثقفا فهذه أيضا ميزة أخرى، ولكن عندما يكون فنانا ومثقفا في آن واحد، فانه يكون قد تعدى حدود المميزات إلى قمة الإبداع، ولكن ما أكثر الذين (عاجبينهم روسهم ) يدعون ملكية الزعامة والريادة في كل شيء، وهم في الحقيقة ليسوا إلا متطفلين، لا يخجلون أبدا .. يملكون ( الصنطيحة ) ويدافعون لنصرة مواقفهم الخاصة، حتى ولو كانت تتنافى وتتناقد مع الروح الفنية، ومع ما تنتظره الجماهير المتلقية منهم.
      و كما قال الشاعر الانجليزي صاحب القصيدة الشهيرة  " أغنية إلى الريح الغريبة ": ... إذا حل الشتاء هل يمكن للربيع أن يكون بعيدا جدا ..؟! و أقول أنا في مقالتي هاته: إذا وصلت الوقاحة بممثلاتنا المغربيات إلى أن يرمين بالحشمة والوقار جانبا، ويتشبثن بالعراء من أجل الظفر بأدوار تدر عليهن المال الوفير، هل يمكن انتظار تدمير كافة مقومات الوطن الفنية والمعنوية طويلا ..؟!
      في واقع الأمر، إن أفعال الممثلات الثلاث .. تعد اهانة لرواد الفن المسرحي، الذين ناضلوا أمدا ليس بالقصير، من أجل تكريس الاحترام للفنان المغربي، وتمكينه من أن يرفع رأسه عاليا، ومن العار الكبير أن يتجرأ بعض مرضى النفوس، وعديمي الضمائر، ويحولوا بين عشية وضحاها، كل ما تحقق بمجهود جبار إلى سلوك مقرف يفسد الواقع الفني، بما يقومون به من أعمال قد لا تزيد من رصيدهم الفني أكثر مما تسيء لهم.
      وإسهاما مني .. وأنا أدلو بدلوي، كما سبقني إلى ذلك زملاء آخرين، لا يسعني في ختام هذه الإشارة المتواضعة، إلا أن أقول: " للـه في خلقه شؤون "



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق