الجمعة، 4 فبراير 2011

هاجر عدنان ..
 تنجو من محاولة قتل ..!

بدون منازع، الكل متفق على أن الفنان  هو القدوة .. و هو القائد .. و الفنان محسوبة عليه كل حركاته وسكناته،  ومن وجهة نظري، على الفنان الحقيقي أن يتنازل، و ينزل من برجه العالي ويشرك الناس جميعا في حياته واختياراته، وعليه أيضا الابتعاد في نفس الوقت عن الغرور .. المرض القاتل، الذي غالبا ما يصاب به بعض الفنانين، وعلى الخصوص أولائك المبتدئين، عديمي التجربة، ربما، دون نية، وقد يغيب عنهم في هذه الحالة ما قد يؤدي إلى سلك سبيل الغرور، بحيث أنهم يصبحون مجبرين على أن يخسروا تألقهم وحيويتهم، ويضيعوا بالمرة تحقيق هدفهم المنشود الذي انطلقوا من أجله .. و إن لم يكن الغرور ممقوتا، لما قال فيه، الأديب ميخائيل نعيمة  الكلمة التالية: "المغرور تنكمش الدنيا في عينيه حتى تصير في حجم المرآة لا يرى فيها إلا نفسه".
وان  هذا الاستهلال ..  جاء جراء الهراء، الذي شنفت به آذاننا ليلة السبت 29 يناير المنصرم، خلال حلقة من حلقات (سهران معاك الليلة) التي تبثها قناة عين السبع، هاجرعدنان، الفائزة بلقب ستار أكاديمي المغرب العربي، بحيث في معرض جوابها على سؤال وجهه إليها معد البرنامج، حول تشخيصها لدورعادي ضمن فريق مسلسل "دار الورثة" استأسدت وأطلقت العنان للسانها، وشرعت - خارج موضوع السؤال-  في سرد حكاية غريبة جدا ..  قالت فيما قالت (الفنانة): إنها في السابق، كانت معروفة فقط من طرف طلاب الاعداديات والثانويات، ولكن تلاميذ المدارس الابتدائية لم يكونوا يعرفونها إلا بعد (شهرتها) في مسلسل دارالورثة، - اللهم لاحسد - وأضافت أنها في يوم من الأيام، كانت بصدد ركن سيارتها جنب مدرسة ابتدائية، ودون سابق إعلام، هجمت عليها حشود التلاميذ الذين تجمهروا حولها بغية التملي بطلعتها، وعلى لسانها دائما .. كادوا يقتلونها من كثرة إعجابهم بها، وبالدور الذي قامت بتشخيصه في المسلسل المشار إليه أعلاه، ولكن عماد النتيفي لم يترك الفرصة تمر، وأجابها بسخريته المعتادة: ( احنا شحال من عام  واحنا كنبانو في التلفزيون وعمر شي واحد ما عمل معانا هكدا).
يبقى سؤال تدعو المناسبة لطرحه على (الفنانة) المذكورة، ترى ماذا أسدت لهذا الجمهور حتى يتهافت عليها بهذه الطريقة، ومتى كان تجمهر الصغار على وجه من وجوه المسرح .. التلفزة أو السينما يعد معيارا للشهرة، أو تقديرا لعطاءات أي فنان، و .. و..؟  فخذاري  أن يتملكك الغرور يا صغيرتي هاجر .. ! وتضيعين الجمل بما حمل، وتصبحين على خسارتك من النادمين ..!  
حسب مفهومي العام، وحسب تجربتي المتواضعة كملاحظ في الساحة الفنية المغربية، وخبرتي في الميدان الصحفي، فان العديد من الفنانين المجدين الذين لهم اسم لامع في المجال، ويغزون الساحة الفنية وهم دائمو الحركة والبحث، لايعرفهم جل المغاربة، ولا يبادلونهم حتى التحية عند أي لقاء مفاجيء، فبالأحرى يتجمهر الصغار الذين لا إلمام لهم البتة بالفن ولا بممتهنيه على مجرد مغنية حديثة الظهور..!
وأظن أننا جميعا، نذكر أنه عندما نجح الموسيقار عبد الوهاب الدكالي بقالبه المتطور، وأبدع في أغنية "سوق البشرية " التي تعتبر من أنجح ما خطته أنامل الشاعر الغنائي رقيق الإحساس الذي يفيض شاعرية، الأستاذ عمر التلباني - الذي يبدع في صمت ولايهوى الأضواء - بدليل أنها ( الأغنية ) نالت إعجاب الجميع وأبهرته .. وشهد الكل بأنها تختلف اختلافا كليا عن جميع أعمال عميد الأغنية المغربية منذ أن عرف الطريق إلى الميدان الفني، وهذا ليس بغريب، بحيث زكى عظامة شأن الأغنية وبالإجماع أعضاء لجنة التحكيم التي سلمت الجائزة الكبرى لمهرجان القاهرة الثاني ل." سوق البشرية"، زد على ذلك الدراسة الهامة التي أنجزتها الدكتورة نعيمة الواجيدي أستاذة جامعية وباحثة، تحت عنوان النص الزجلي في الأغنية المغربية " سوق البشرية" نموذجا، ومن قبلها نال نفس الثنائي، (الدكالي والتلباني) جائزة الفاتيكان للسلام على أغنية "اللـه حي"، ورغم هذا النجاح الباهر، وهذا التألق الذي لا نظير له في الساحة الفنية المغربية، فان عبد الوهاب وعمر، لم يحظيا بمثل الهالة التي صنعتها هاجر لنفسها، ولم يحدث في تاريخهما الفني، أن أحدهما ذكر في حديث له، مدى التفاف الجمهورحوله وإعجابه  به، وعلى هذا الحدث .. حدث التألق الكاذب، علق أحد الظرفاء قائلا: " طالما أن الانجليز اختاروا شيكسبير لتقديمه للإنسانية كمبدع، والايطاليون اختاروا هم كذلك مايكل أنجلو، والألمان أيضا ولنفس الغاية اختاروا بيتهوفن، فلماذا لا نختار نحن في المغرب مثلا  هاجرعدنان، ما دام أن صغار المدارس الابتدائية بكثرة حبهم لها وتقديرا لفنها كادوا يقتلونها ..؟!   
إن ملاحظتي هذه، لا أقصد من خلالها الإساءة  إلى هاجر، ولا إلى الفنانين المبتدئين، ولكن أردت أن ألفت نظرها على الخصوص، ونظرهم على العموم إلى عدة أشياء، منها على سبيل المثال، الفنان .. ليس مطلوبا منه سلك سبل الرياء، هذه الآفة التي هي بمثابة داء عضال، يغضب الرب  ويحبط الأعمال، بل عليه أن يبني مساره الفني على أسس سليمة ومتينة، والمفروض فيه احترام ذوق المتلقي الذي هو أمانة على عاتقه، واعلموا جميعكم  أن هذا لا يتأتى أبدا، إلا أذا كان هذا الفنان، يؤمن بأن الفن يجب أن يكون في خدمة الإنسان، وفي إعلاء الفكر والسمو بالفضيلة، ليضيف إلى الساحة الفنية شيئا جديدا وجديرا بالتتبع، وليس للتباهي  من أجل التباهي فقط، وركوب صهوات الجياد الكارتونية  قصد الظهور الباهث.