الجمعة، 14 أكتوبر 2011


مدام  مسافرة   ( إوا بـــــــــاز!.. 


رحم اللـه زمنا كان فيه الرجل رجلا  .. رجلا بكل ما في الكلمة من معنى، كان يحافظ على أهله .. يدافع عن شرفه ويستر عورة حرمه، امتثالا للمثل العامي الذي يقول -الرجل يموت على بلادو ولا على أولادو- أجل .. كان الرجل لايترك للغير فرصة التمتع بأهل بيته .. لايترك زوجته عرضة لأعين المفترسين .. كان الرجل باللأمس القريب حارسا أمينا على مفاتن زوجته، هذه الزوجة التي حافظ أجدادنا عليها وحفظوها، لأنهم كانوا يشعرون بأن حفاظهم على المرأة وحفظها يعد من الواجبات التي تصل حد القداسة .. ثم رحم اللـه زمنا كان فيه الرجل فعلا محافظا على كرامته وساترا لعورته، أما اليوم .. أما اليوم، فان ذاك الرجل الشهم الذي كان يحسب له ألف حساب، وكانت كلمته مطاعة وتهابه النساء، قد غفل .. وكما هو معلوم، فالغفلة هي لحظة الضعف، التي يفقد فيها الإنسان السيطرة على منافذه، فيتسلل منها من يتمكن منه ويسيطر عليه ويصبح مسلوب الإرادة، ويكون بالتالي مسيرا غير مخير .. ويحز في نفوسنا أن بعض رجالنا أصبحوا على هذه الحال لايحركون ساكنا .. يرون بأم أعينهم زوجاتهم يعرضن مفاتنهن أمام الجميع دون حياء ولا خجل، ولم يمتثلوا البتة لقول رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم:" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقوله عليه السلام إن اللـه سائل كل راع عما استرعاه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته أحفظ أم ضيع؟ "، ولكن ما يحدث في زمننا الأغبر هذا، يؤلم بشدة، ويصعب على العاقل تصديقه أو يقتنع بجدواه، لأن كل شيء بات على غير عادته، وأصبح المرء يخجل عندما يشاهد تلك المناظر التي أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها لا تشرف بلدا يدين بدين الإسلام، مناظر .. تندر أن الأمة ضاعت، فلا مأمون ولا أمين إلا من رحم ربي .. وهذا هو الذي يدعونا إلى المطالبة بأن تُتخذ كافة التدابير والإجراءات، التي من شأنها أن تعيد للرجل هيبته، ويعود بالتالي سيد بيته ليقضي على الانفلات الذي حدث فجأة ودون سابق إعلام .. وأنا أعلم مسبقا أن هذا المقترح، يكون صعبا في بداية الأمر، نظرا لعدة عوامل، منها على سبيل المثال .. ما أصبحت تعرفه الأسر المغربية من انحلال، ومن تقليد أعمى للغرب، وما يعرفه المجتمع من تواجد أناس هم على أتم الاستعداد لأن يبيعوا كل شيء يملكونه من أجل الوصول إلى مصالح ذاتية .. يبيعون ضمائرهم .. كرامتهم .. ومبادءهم، ولا شك أن مثل هؤلاء الذين يسمحون في مبادئهم وقيمهم فلا محالة انهم لايلقون بالا عندما يهدر حياؤهم .. والحياة بلا كرامة طبعا لاقيمة لها، والرجل الأصيل لا يحق له أن يقبل
ما يجرح كرامته، أو يهدر إنسانيته ولو أعطي وزنه ذهبا .. لكن إن كانت هناك إرادة صادقة وعزم قوي على الاقتداء بالآباء والأجداد، والعودة إلى عصر الزهو وقيم العزة والشرف والإباء، فلا يخامرني أدنى شك في أن المقترح سيكون سهلا على مدى فترات قصيرة، ونتمكن من إعادة بناء المجتمع النموذجي.

لم يكن سبب تناولي لهذا الموضوع، إلا التقليعة الجديدة، التي أخاف مع تكرارها أن يألفها ويتقبلها المجتمع وتصبح مشروعة وإن لم نكن راضين عنها، قلت التقليعة، التي تفضلت علينا بها قناتنا الثانية (مشكورة) خلال هذه الأيام الساخنة من هذا الفصل الخريفي الحار في إطار برنامج "مدام مسافرة" البرنامج الذي بفضله بقيت عدة بيوت مظلمة، مليئة  بوجوه مكفهرة، أزواج  ينذبون حظهم العاثر ويلومون أنفسهم في صمت على تسرعهم بقبول صفقة السفر المشؤوم .. أطفال من مختلف الأعمار مهملون .. يتباكون .. و هذا كله في سبيل قيام (المدمات) بنزهة إلى مدينة النخيل، والكل يعرف مدينة الحمراء وما تعرفه من رواج، وتوافد السياح عليها، سواء من داخل الوطن أو خارجه .. وما يلزم في مثل هذا الوسط من حيطة وحذر ..  ترى مالذي أصاب هؤلاء الرجال، وأي قوة هذه التي  استطاعت أن  تفقدهم عزة أنفسهم، وشهامتهم، ليشخصوا لنا مسرحية خيل لنا من مشاهدها أننا شعب فقد إنسانيته، مما يدعونا إلى القيام بأربع تكبيرات على كل مكونات هذا البلد، لأن المشاهد  تتنافى مع ديننا الحنيف، وعاداتنا، وهذا ما يساعد على تفشي العديد من المصائب بين صفوف نساء ورجال هذا المجتمع، وعلاوة على ذلك .. فإن هذه التصرفات المشينة، تعبر عن الانحلال وعن اللامسؤولية التي أصبح يحظى بها رجالنا، الذين أصبحوا لاحول ولاقوة لهم، وبعبارة أخرى، أصبحوا مغلوبين على أمرهم.

ورغم أن البرنامج المذكور لازال في بدايته ولازالت معالمه لم تتضح بعد، وبدوري لازلت لا أعلم الجهة التي تقف وراء تنظيم هذه الرحلة النسائية الدخيلة على مجتمعنا والتي ما سمعنا بها من قبل .. أظن ظن المتأكد أن الفكرة مسبقا لا ترجى منها أي فائدة، اللهم إلا إهدار الأموال الطائلة التي كان الأولى للساهرين على البرنامج صرفها في ما يفيد، بدل ضياعها في إنتاج برنامج ظهر منذ حلقته الأولى التي بثت ليلة الثلاثاء 11 نونبر الجاري، أنه أسقط بالدرجة الأولى قناع الحشمة والوقار .. ودفع الرجال المنوط بهم مهمة الحفاظ على أسرار بيوتهم إلى الإقدام عن طيب خاطر على إفشاء هذه الأسرار علانية وأمام الكاميرات ليطلع عليها الجميع .. مع العلم أن النبي عليه الصلاة والسلام، حذر الزوجين من أن يفشي الواحد منهما سر الآخر .. والعاقل طبعا لايجوز له أن  يهتك سر امرأته، وفي حقيقة الأمر لم أجد مبررا للباعث الذي جعل هؤلاء الرجال يضحون بما هو عزيز(زوجاتهم) من أجل ما هو أدنى، وما هي الأسباب التي تجعل الرجل المحترم يقوم بالتغزل في زوجته على مرأى ومسمع الملايين من النظارة، دون أن تحمر وجنتاه من الخجل، أو يهرب الدم من خديه ..؟ هذا إضافة إلى الأسئلة التي تمس في العمق الحياة الشخصية للأزواج والزوجات، بحيث أرغم كل زوج على إعطاء نبذة للمشاهدين عن العلاقة الخاصة التي تربطه بشريكة عمره، وروى بدقة أسباب اللقاء وظروف الارتباط، و.. و..الخ، ظنا منهم أن هذا كله يدخل في إطار التقدم الاجتماعي والتفاهم والتعاون بين الزوجين، والكثير من المصطلحات التي من شأنها أن تبرر فعلتهم، ياحسرة على العباد .. التنازل عن العفة أصبح عنوانا للتفتح والتطور، وسبيلا إلى جعل نجوم بعضهم تسطع  صفراء كنور الشمس في أيام الصيف .. ! وكما قال الشاعر الانجليزي "بيرسي بيش شيلي" في قصيدته الشهيرة (أغنية إلى الريح الغريبة) :"إذا حل الشتاء هل يمكن للربيع أن يكون بعيد جدا؟" وأقول أنا في إشارتي هذه المتواضعة :"إذا وصلت ببعضهم الوقاحة أن يسمحوا لزوجاتهم أن يسافرن وحدهن، تاركات فلدات أكبادهن، وبيوتهن دون سبب معقول، هل يمكن انتظار تدمير كافة مقومات المجتمع الأخلاقية والاجتماعية طويلا ...؟-وفي هذا الصدد قال أحد الظرفاء:(بما أن الرحلة لازال يشوبها الغموض، ربما واللـه أعلم، القضية وراءها حملة انتخابية فريدة من نوعها ..!)-إذن، لايجادل أحد في أن هذا أمر لاتقبله شرائع السماء ولا سنن الكون، وإن ماجرى وما سيجري لاحقا يعد أمرا خطيرا لايفطن به إلا الرجال الذين يستحقون عن جدارة نيل شرف الآية الكريمة: "الرجال قوامون على النساء".

وختاما، لابد من توجيه الأسئلة التالية: ماهذه الوقاحة " يارجال برنامج "مدام مسافرة " ما هذا الطمع في الشهرة على حساب الشرف والعرض .. زوجتك تترك الجمل بما حمل .. أنت ومن معك .. الأولاد .. البيت  لتقوم "بسلامتها" برحلة مسافتها تزيد عن 200 كلومتر، دون حسيب ولا رقيب .. إنها حقا لمصيبة عظمى تستوجب قراءة الفاتحة على أرواح الرجال الذين يرضون لأنفسهم مثل هذا الوضع المشين .. يرابطون في النازل، يطبخون .. يرعون الصغار .. يعجنون .. وهلم جرا .. ويبيتون الليالي السبع يبكون .. ! ماذا ستقولون يارجال زمننا  للتاريخ  الذي يحصي كل كبيرة وصغيرة .. ولأبنائكم غدا، وكيف تعلقون لهم على صوركم التي لاتشرف .. وماذا .. وماذا ..؟  تساؤلات كثيرة سوف تجيبنا عنها الأيام القليلة من خلال الحلقة المقبلة كما أعلن عن ذلك، لتتأكد لنا فعلا فرضية، بأن ثمة شيء لا يتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا يحصل داخل الأسرالمغربية،- نخاف أن يصبح أمرا مالوفا لايثير الانتباه - وهناك أيضا أسئلة كثيرة والمقام لايسمح .. وللـه في خلقه شؤون ... !