الأربعاء، 19 أكتوبر 2011


لاداعي للقلق .. أخبار ( المدام مسافرة يجيبوها لخرين ...)



بعد مشاهدة الحلقة الأولى من برنامج " مدام مسافرة"  الذي بثته مؤخرا القناة الثانية، وعندما استوقفتني الفكرة الطريفة - سفر ربات البيوت اللائي تركن فلدات الأكباد والأزواج في المنازل وجها لوجه مع متاعب الحياة-  عبرت عن رأيي في البرنامج المستورد من الدول الغربية  والذي أقدم على انتهاك حرمات بيوت المسلمين،  وعندها لاحظت غضب أولائك الذين لا يؤمنون بوجهات النظر المخالفة .. وقد وُجهت لي بعض الرسائل التي تحمل بين طياتها سيل من العتاب واللوم  .. كما تعرضت للكثير من الكلام الذي يجرح المشاعر، وقد أخطأ أصحابها في حقي، الذين -أجزم- أنهم لم يفهموا البتة القصد من ملاحظتي .. بحيث ذهب بعضهم ليربط قضية البرنامج الذي انتقدته .. بمدينة مراكش، مع العلم أن الموضوع لايخص المدينة البتة،  والإساءة إلى مدينة يوسف بن تاشفين في مقال "ما هذه الوقاحة يا رجال مدام مسافرة " أمر مستبعد .. وإني لما ذكرت مدينة الحمراء كان الهدف دائما هو تحديد الوجهة التي قصدتها الرحلة النسائية ..  كما أني لم أنه الرجل عن حب زوجته أو مساعدتها في أشغال البيت، ولكن أردت أن أبلغه شيء مهم وهو الغيرة على زوجته، لأن الغيرة هي غريزة فطرية  و سياج منيع لحماية المرأة من الرذيلة،  ومن الاختلاط المحرم .. والغيرة أيضا هي مظهر من مظاهر الرجولة الحقة، و أن أشرف الرجال وأعلاهم شأنا وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصة على أهل بيته .. وبالنظر لما تقدم فإني لم أسىء إلى المرأة التي أجمع أصحاب التعاليق "جزاهم اللـه" على تذكيري بأنها أمي .. أختي .. وإبنتي .. و .. و، وما أردت سجنها في البيت، كما جاء في تعليق أحدهم، بل أعطيت وجهة نظري فقط  في البرنامج  وفي الرجال الذين سمحت لهم أنفسهم بالسماح لزوجاتهم ليسافرن وحدهن بدون سبب معقول، مع ما يترتب عن ذلك من متاعب الأولاد الذين أبقينهم في عهدة الآباء .. أوليس هذا انتهاك للمحارم وتعدٍ على الحدود الأسرية، ورغم كل هذا فقد دخل الكثير من القراء -دون فهم للمعاني الحقيقية التي يرمي إليها المقال- على الخط وقالوا كلاما يغضب حقا، ولكن التزامي بأخلاقيات المهنة، لم يسمح لي بالرد عليهم،  كما أنهم اعتبروا انتقادي  خطاب لايليق بنساء عصرنا هذا، وأنه يعد إهانة للمرأة وحد من حريتها، بيد أن  كل الذين عبروا عن امتعاضهم مما كتبت .. لايعلمون أن المرأة هي التي تعكس أخلاق المجتمع ومنها يتعلم الجيل الناشيء عدة أشياء، وحين تتخلى هذه المرأة عن الوظيفة المتمثلة في رعاية أبنائها، ومسؤولية بيت الزوجية .. وحين يرسلها الزوج في رحلة إلى مدينة بعيدة عنه  وعن أطفاله تكون هذه رسائل مغلوطة، فمن ياترى يصححها لأجيالنا فيما بعد ..؟ وعلى هذا الأساس ارتكز نقدي، الذي لم يكن نقدا جارحا أو أي شيء من هذا القبيل، بل كان نقدا بناء ومصححا للوضع، معلنا به عن موقفي بجرأة وشجاعة،  لما وجدت أن الأمر يتطلب ذلك، لأنه من العيب كما سبقت الإشارة، أن  تسافر ربة البيت وحدها تاركة أولادها، وبخاصة الصغار منهم الذين تلزمهم عناية فائقة .. كما أن من صيانة الإسلام للمرأة أنه أوجب المحرم لسفرها ليحفظها ويصونها من أصحاب الشهوات والأغراض الدنيئة،  إذن فلا يجوز للمرأة سفر بغير محرم، وفي هذا السياق، فقد قال النبي صلى اللـه عليه وسلم:" لا تسافر امرأة إلا ومعها محرم، فقام رجل فقال، يا رسول اللـه اكتُتبِْتُ في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة، قال اذهب فحج مع امرأتك " ولما تمنع المرأة من السفر وحدها إلى الحج  الذي هو طاعة وقربة، فما بالك بالمرأة التي تسافر وحدها في نزهة لايعلم الرجل تفاصيلها  ولا برامجها ولا .. ولا .. وإنه لا يخالجني أدنى شك في كون الجميع يعرف أن هذا أمر محسوم فيه، وأن سفر المرأة المتزوجة  وحدها لغرض غير ضروري يعد أمرا مشبوها، فلماذا التجاهل إذن، وهذا التحامل علي ..؟
في الحقيقة لم أكن أود الرد على تعاليق القراء، لو لا أني لمست في بعضها أن أصحابها لم يفهموا بتاتا ما جاء في المقال، بحيث اندفع أغلبهم دفاعا عن المرأة، ومنهم من صنف المقال بأنه يتحدث عن أمور ولت وأصبحت من العصور السالفة، وهنا أذكر الأخ الكريم الذي ورد هذا التصنيف في تعليقه، بأن تقاليدنا وأعرافنا لم ولن تبلى، وستتوارثها الأجيال إلى أن يرث اللـه الأرض  ومن عليها، وأظن أننا لسنا في حاجة للنقاش في قضية التقاليد والقيم.
وبما أن الخلافات طبيعية بين بني البشر، فمقابل كل اللائمين والمعاتبين -وهذا ما أثلج صدري وشجعني على الرد- فقد كان هناك صف آخر إلى جانبي، إذ اعتبرته مساندا لي ومقويا لعضدي ومؤيدا لكل ما جاء في مقالي، ومثل لي في الحقيقة أصحاب هذا الصف كأبطال مظاهرة حب، تمثل أجمل استفتاء على مصداقية مقالي المشار إليه، وملاحظاتي التي كانت في الصميم، وأنا بهذا لا أدعي الكمال في أقوالي ولا انتقاداتي، ولست ممن تمنعهم عجرفتهم من تقبل الردود والتعاليق الموضوعية التي يمكنني أن اهتدي بها إلى الصواب، إنما فقط أريد أن تكون في محلها وأن يتفهم أصحابها واجبهم ليصلحوا ما يمكن إصلاحه، بدل إفساد ما هو صالح.
في الختام، سوف لا أتطرق إلى المشاهد التي (طبعا) لاتسر الناظرين، لما تتضمنه من حركات لا تليق بزوجات يحترمن أنفسهن ويقدرن العلاقة الزوجية، ولا الكلام الذي صدر عن بعض الزوجات وبعض الأزواج على حد السواء  خلال الحلقة الثانية من البرنامج، لأن كل من كتب له من النظارة الجلوس وقتها أمام التلفاز فقد أحس بغبن، وصدم من هول ما رأى .. واللبيب بالإشارة يفهم.