الجمعة، 14 أكتوبر 2011


حركات الفبرايريون "هي فوضى" مرة أخرى ..!

كنت  فيما سبق، قد  شاهدت فلما تحت عنوان " هي فوضىبقيت مشاهده راسخة في خيالي، وإني هنا لست بصدد تقديم نقد فني للفلم، ولكني أجد فيه بعض المعطيات والدلالات، التي تنطبق على بلادنا، وخصوصا في الوقت الراهن، حيث أن الفوضى موجودة في جميع الميادين وعلى كل الأصعدة، ومن الصعب على الإنسان السوي أن يستوعب ما يجري حوله، وبالضبط  خلال هذه الأيام التي اختلط  فيها الحابل بالنابل، بمجرد ظهور    مجموعة مجهولة، يَدعي مُكونوها - الذين يتسمون بالغرور- ملكيتهم  للزعامة والريادة  في كل شيء، الذين استغلوا الأحداث التي حلت ببعض بلدان المعمور، المتمثلة في  نار الانتفاضة في تونس .. يوم الغضب في مصر ..  يوم الحساب في اليمن، ويوم الانتقام في الجزائر، حيث انتفض المواطنون هناك، احتجاجا على زعمائهم  وحكامهم، الذين تستهويهم كراسي السلطة ذات الجاذبية، والتي لاتترك للجالسين عليها القدرة على تركها طائعين .. وفي ظل هذه الفوضى .. أراد  أولائك الذين أُخضعوا  لعملية غسيل المخ، التي أجريت لهم بمنهجية واحترافية داخل دهاليز سرية لتثبيت أطروحات معينة، وأحشيت عقولهم بأفكار شيطانية، لا ديننا  ولا عاداتنا لها صلة بها، تدعو إلى إشعال فتيل الفتنة بين العباد .. أرادوا أن يركبوا على أحداث الآخرين  .. مستغلين الموت السياسي الذي كانت تعرفه الساحة الوطنية، ليعلنوا من موقعهم بطولاتهم الفاشلة، واستغلوا من جهة أخرى، التفتح الذي تعرفه بلادنا على وسائل التواصل والتكنلوجيا الحديثة العهد، والتي بدأت بصورة عشوائية، ودون أي نظام يذكر، حتى أصبحت تشكل خطرا  داهما على هويتنا الدينية والوطنية، رغم أن من أهم مهام الدولة - وهذا شيء مؤكد - الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، و"الأمن الإعلامي" أيضا، الذي هو سلاح  موازي لما تملكه كل دولة من أسلحة، ويجب أن يتجاوب مع بيئتنا ومع  واقعنا، ليكون التفتح على الغير تفتحا يرمي إلى جلب الإيجابيات وصد السلبيات، وفي غياب هذا الجانب .. وسكوت المسؤولين عندنا، الذين لم يُعدوا أي شيء لمواجهة هذا الخطر، وظلوا مثلنا يتفرجون تفرج العاجز عن النطق والتحرك، تسنى لهؤلاء بإطلاق صيحاتهم المسمومة عبر موقع التواصل الاجتماعي " الفايس بوك" لدعوة المواطنين المغاربة على الصعيد الوطني إلى الانتفاضة والنزول إلى الشوارع، من أجل التظاهر، بشأن عدة مطالب، منها مثلا : - حسب رأيهم-  تحقيق كرامة الشعب المغربي عبر التعديلات الدستورية، تقليص صلاحيات الملك وحل الحكومة والبرلمان، ولكن ما يثير الاستغراب، والشيء الذي حير عقول الكثيرين، أن لا أحد" كان" يعرف من هي الجهة  أو الجهات التي نصبت نفسها، دون سابق إعلام، مدافعا عن الشعب المغربي، في جهل تام بأننا كلنا وطنيون، والمصلحة العامة هدف يسعى الجميع إلى تحقيقها، كل بحسب جهده وخبرته، والديمقراطية هي قاسمنا المشترك، وهمنا الجماعي وغايتنا الفضلى، ونضالنا الحضاري لتأمين شروط العيش الكريم، ومستويات المعيشة المجتمعية مستمر ولا تنازل عنه، أحب من أحب وكره من كره، وهنا تقفز أسئلة  ملتهبة كالجمر .. مفادها، لماذا ينتفض هؤلاء  للاستفراد بهذه المباديء، ولماذا  نصبوا أنفسهم دعاة الوطنية  ضدا على إرادة الشعب، ولماذا يتضامن معهم بعض المستصحفين، ذوي الأقلام المأجورة، والمهرجين الإعلاميين (ليطبلوا لهم ويزمروا) ويباركون لهم انتفاضتهم ..؟  ظانين أن هذه اللعبة المبتكرة  قد تنطلي على الشعب الحريص على شرف الأمة وعقيدتها المقدسة، وقد يقول قائل، بأني بتناولي لهذا الموضوع، أريد نفي ما يشهده الوطن من فساد  متمثل في انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان .. بطالة منتشرة  تنخر أوصال الشباب المغربي الحامل للشهادات العليا .. الفقر المستشري في المجتمع، وتصعيد الحملات القمعية والهجمات الشرسة على الصحافيين، والزج بهم في غياهيب السجون، ومحاكمتهم بالقانون الجنائي، بدل قانون الصحافة، أو أريد قول أننا نعيش في العالم الفاضل، وأننا ننعم بكل الوسائل الضامنة للعيش في الرفاهية، أو أي شيء من هذا القبيل، لا ..  ولكن أيضا لا يجب أن يحل التشاؤم محل التفاؤل، وأن لا نسمح بتنظيم حملات شعواء ومسعورة، تقاد ضد وطننا، وضد ما حققناه من مكاسب على -علتها-.
طبعا قد يعجب أصحاب الدعوة المشؤومة  وغيرهم -ممن يقتنصون الفرص- من هذا المقال .. ولكن هذا قدرنا .. وهذه حقيقتنا التي يعرفها العادي والبادي، ولا مفر لنا منها، وليعلم الذين تبنوا  دعوة  حركة 20  فبراير، أنهم بهذا الفعل يفجرون ضجة نحن في غنى عنها، ويفتحون الباب على مصراعيه  ليتأتى للمتربصين بنا  الوصول إلى أهداف تخريبية، وبالتالي هم يقدمون على ارتكاب جرم في حق وطنهم لا لشيء، إلا أنهم يريدون نصرة أفكارهم ومواقفهم الخاصة، التي تتنافى مع الروح الديمقراطية، التي يدعو إليها الجميع، وقد يذهب بعضهم إلى نعتي بأني هنا أتقمص شخصية المحامي للدفاع عن الوطن، ولهؤلاء أقول: "  إنني صحفي  .. ودوري ك. ضمير للأمة يدفعني إلى الخوض في جميع الاتجاهات، وهذا  نابع كذلك من مشكلة كل من شب على شيء   شاب عليه، وقد شببت على حب هذا الوطن، الذي احتضنني حتى صار في دمي وصرت من المدافعين عنه، ولا أرضى عنه بديلا .. إذن، على الدعاة أن يحاولوا الخروج  من حالة اللاوعي والتغييب التي أُخضعوا لها ".
و لا أجد ما أختم به مقالي المتواضع هذا، إلا كلمات كانت قد قالتها رابعة العدوية : ( يا رب .. لو كنت أعبدك مخافة النار .. فأحرقني بها، ولو كنت أطمع في الجنة .. فاحرمني منها، وإن كنت لا أعبدك إلا لوجهك، فلا تحرمني مشاهدته)، وهكذا يمكنني أن أقول ( للدعاة المزعومين) إن كنتم تحلمون بالبطولة وركوب حصان الشهرة على حساب استقرار المغرب واستهداف ثوابته المقدسة، فهذا هدف صعب المنال، وسوف لن تصلوا إلى ما تكنه قلوبكم لهذه الأرض من حسد و ما تضمرون لها من مكائد، وأن نواياكم  ودعواتكم محكوم عليها مسبقا بالفشل، وسوف تتحملون العواقب الوخيمة جراء هذا التهور، لأنكم فقط أصحاب مصالح ضيقة .. وأنكم قطعا تبحثون عن المنافع الذاتية، وذلك عبر تسخير بيادق، همها الوحيد الظفر بلقمة عيش تقها  شر الجوع، أو وعد كاذب بمستقبل زاهر، وإن كنتم حقا تريدون الخير لهذا البلد فاللـه الموفق وهو وحده من وراء القصد.
وللتوضيح .. فإن إعادة نشر هذا المقال المتواضع، دعتني إليه الظروف التي يعيشها المغرب هذه الأيام، المتزامنة مع  التحضير للاستحقاقات التشريعية، المزمع إجراؤها يوم 25 نونبر القادم من جهة، ومن جهة ثانية، حالة انتظار الموت البطيء التي أصبحت عليها "حركة 20 فبراير" لأنها أضحت تقوم بالأمر نفسه تكرارا من دون أن تستخلص منه العبر .. وكذلك عندما اكتُشف أمر من كان وراءها، ( يساريون متطرفون .. عدليون، وغيرهم ) من الذين يحملون الحقد في نفوسهم لهذا الوطن  والكره الدفين  لحكامه ...  الذين كانوا يتوقعون إقبال فئات الشعب المغربي عليهم من أجل المساندة، وكان في حسابهم الخاطيء طبعا، توسيع رقعة المحتجين للضغط على من بيدهم زمام أمور البلاد، من أجل تمكينهم من مبتغاهم، بحيث فشلوا غير ما مرة في الضرب على الوتر الحساس للمغاربة، باستعمالهم أساليب متعددة للتأثير عليهم ومحاولة إقناعهم  بشعارات مستهلكة،  طالما هتفت بها كافة الهيئات السياسية الوطنية، كما هو الحال في الوقفة التي نظمتها مجموعة  -لاتلفت النظر- متكونة من عدد قليل من بعض الشباب "المغرر بهم" الذين ينتمون عن جهل للحركة،  ليلة الخميس 06 اكتوبر الجاري، بملتقى شارعي 6 نونبر ورضى أكديرة، على مستوى "حمام الفن" بجماعة إبن امسيك، نصبت نفسها وبأمر من سادتها مدافعة عن سكان الدارالبيضاء، الذين يكتوون آخر كل شهر بفواتير الماء  والكهرباء، وقد لجأ المنظمون إلى رفع بعض اللافتات، يعبرون فيها عن رغبتهم في طرد "ليدك" من الدارالبيضاء .. لكنها  في كل الأحوال تبقى وقفة فاشلة بكل المقاييس .. لاترجى منها أي فائدة، اللهم إلا استنفار القوات العمومية، وعرقلة حركة المرور لفترة من الزمن،  ومحاولة استدرار عطف المارة لتقوية عضدهم .. هذه المجموعة التي كان الأحرى بها  وبمحرضيها لو كان فعلا الهدف هو تحسيس مسؤولي "ليدك" بمسؤولياتهم،  أو الضغط عليهم- أن تُنظم الوقفة نهارا جهارا، وليس تحت جنح الظلام،  وبعيدا عن مقر الشركة المعنية بالأمر، وليس خافيا على أحد القصد من هذا كله،  ولا ما ترمي إليه هذه المثابرات التي تنجم  عمن يطمعون في الاستحواذ على خيوط اللعبة السياسية، والاستيلاء على السلطة لحاجة في نفوسهم، إذن في نظر المتتبعين للوضع  والملاحظين، هذا سبيل إلى الفشل الذي تحدثت عنه سابقا .. وعليه، أقول بصوت مرتفع، فقد (قضي الأمر الذي كنتم فيه تستفتيان)  يا محركو الشوارع ... !