السبت، 6 نوفمبر 2010

لا .. لبرامج تلفزية تهدم أسس مجتمعناالفيلم التلفزي " قصة حب " نموذجالعل ما يتبادر إلى الذهن من أول وهلة يجلس فيها المرء أمام شاشة من الشاشتين المغربيتين (الأولى أوالثانية) هو أن القناتين التلفزيتين تفتقران إلى وجود لجان استشارية ومختصة، تقوم بدراسة ووضع الخطط المناسبة للبرامج المعروضة، وهذا ما يجعل من الوضع القائم أمرا غير مقبول، لأنه يعتمد على الفوضى وعدم التنظيم، وذلك بسبب ما تعرفه قناتينا من برمجة لمسابقات لايخرج منها المتلقي بأية فائدة تذكر .. ثم التسلية التافهة، وكثرة الإعلانات الاشهارية التي تخدش الحياء .. مع ما يواكب ذلك من مسلسلات وأفلام لاتليق بمقامنا كمسلمين من حقنا على إعلامنا الرسمي إمدادنا - مع العلم أننا نعد من ممولي القناتين - ببرامج تسهم في وصل الإنسان بربه وتعريفه بوظيفته ومركزه في الحياة الدنيوية.

على العموم المتتبع لبرامج المؤسستين المذكورتين أعلاه يلاحظ أن جل البرامج هي مستوردة من الأجنبي، ويتم عرضها على المشاهدين المغاربة بلا رقابة، ليشاهدها الملايين من شعبنا دون الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الأساسية بين مجتمعنا الإسلامي، وتلك المجتمعات الغربية التي تخالفنا في العقيدة من حيث المبدأ .. ناهيك عما يترتب عليها من اختلافات وفوارق خطيرة في العلاقات الاجتماعية والأسرية، وفي نظرتنا المتميزة للحياة الدنيوية، ووظيفة كل إنسان مسلم فيها.

ويجب أن لاننسى، ولاينسى معنا المسؤولون عن وسائل الإعلام المرئي ببلادنا، أن الإنسان قد يتأثر من مشاهد العنف، وكذا المشاهد الساقطة بشكل مستمر في البرامج المتلفزة، الشيء الذي يستطيع رفع مستوى الإثارة النفسي والعاطفي عند المشاهدين، - وخصوصا منهم الذين هم في سن المراهقة - مما يؤدي إلى احتمال حصول السلوك العدواني مثلا عند الطفل الذي يكون أشد تأثرا وأسرع استجابة لما يشاهده في تلفزتي بلاده.

ربما يتساءل البعض ما سر هذه المقدمة، نعم إن ما جعلني في الحقيقة أخط كل هذه الجمل والفقرات، وأعمد إلى الحديث عن وضع أسيل في حقه مداد كثير وأصبح معروفا من لدن الجميع من فرط تكراره، هو إقدام القناة الثانية (2M) ليلة الجمعة ( عيد المؤمنين يا حسرة) 02 يناير الجاري على عرض لما أسمته ب.الفيلم التلفزي " قصة حب " الذي انتج سنة 2001، هذا الفيلم الذي ضم لقطات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ساقطة، كما أنها تضم إيحاءات جنسية ، مما يجعلها خطرا على أخلاق الناس وذوقهم، علاوة على ما عرفته لقطاته من اهانة موجهة إلى الموظف على لسان الممثل حميدو، أظن أنها تسيء إلى كل المنتمين إلى سلك الوظيفة العمومية، بحيث وصف الموظف ب. (الزبل والذي يموت من الجوع ) و.. و.. ويضيق المجال لذكر كل الأوصاف التي نالها الموظف المسكين.

سيقول بعضهم، وهذا أمر لامراء فيه، إن الفيلم يعالج ظاهرة أصبحت مستشرية في المجتمع المغربي، وتثير استياء واستنكار الجميع، أجل هذا أمر جيد نشجعه ونباركه لو كان هذا هو القصد، ولكن لايمكن علاج ظاهرة بعرض لقطات تلفزية تبث في ساعة الدروة يكون من شأنها تفريق أفراد العائلة وتفسد عليهم لحظات راحتهم وسكونهم، وتنشر بينهم ما بوسعه أن يثير شهيتهم لسلك سبيل الدعارة، وقد كان من حظي أن أصدم بمشاهد هذا الفيلم الذي لاتشرف المشاهد المغربي رؤيتها، واني هنا لاأقصد نشر الغسيل أو إذاعة أسرار، بل أقف موقفا نقديا لما تعلق الأمر باستهداف ذوق وقيم المجتمع .. ولاعجب، فهذه مهمتي في هذه الحياة، لأني أمتهن مهنة المتاعب، ومن المعلوم أن الصحفي هو ضمير الأمة، ومن واجب هذه الأمة علي كصحفي أن أمتلك الجرأة في التعبير عن رأيها، والتنبيه إلى ظاهرة اجتماعية غير مألوفة، وقد عملت بقولة تشي جيفارا " إن الطريق مظلم وحالك، فإذا لم تحترق أنت وأنا فمن سينير الطريق " لهذا فان سكتت أنا كصحفي وسكت الآخر كمتلقي فمن ياترى سيغير المنكر..؟!

إذن لايجادل أحد في أن مثل هذه البرامج والأفلام والمسلسلات بمقدورها تهديد الأجيال الناشئة التي تمتماز بسرعة التأثر وقابليته .. وقد آن الأوان للتفكير في اتخاذ خطوات جادة لإصلاح ما فسد .. وتدارك ذلك الآن وليس غدا، قبل أن تتراكم الأخطار وتعظم التأثيرات الخطيرة، وتصبح أنماطا حياتية متأصلة في حياة النشء، فمن الواجب على مسؤولي القناتين التفكير في البرامج البديلة التي تستطيع أن تسهم في تنمية التفكير ايجابيا، والوصول إلى نظام حياتي متكامل، ليس غريبا عن ديننا وعقيدتنا، حتى نستطيع أن نتفرد عن غيرنا ونتميز عنهم، ولانكون أتباعا لهم وذيولا، فعزة الأمة ونصرها ينبعان من داخلها، ولايمكن استردادهما من الغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق