الأحد، 7 نوفمبر 2010

مالنا ومال ثريا جبران..؟! بمجرد الإعلان عن لائحة أسماء وزراء حكومة عباس الفاسي بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2007، و بمجرد ما علم الجميع أن هذه اللائحة تضم اسم الفنانة ثريا جبران التي كلفت بحمل حقيبة وزارة الثقافة، حتى استلت السيوف من كل حذب و صوب، وأسيل مداد كثير زركش صفحات الجرائد بمقالات يسيل أمامها لعاب القراء، ويدفعهم إلى قراءتها قبل غيرها من الأخبار التي يفترض أنها أكثر أهمية، بل إن بعض الصحف أضافت، ونشرت ما يثير شهية القراء للحديث عن تعيين ثريا كوزيرة للثقافة بالمغرب، وقد تقاطرت عليها كل أنواع الانتقاذات من كل جانب، وصلت في بعض الأحيان حد التجريح والخوض في حياتها الشخصية، كوصفها مثلا بالمرأة الغير متعلمة، والتي لاتفقه شيئا في السياسة، ومنهم من ذكر أنها تقطن "ببراكة" فوق سطح منزل، وغير ذلك من النعوت المشينة .. ونالت المسكينة كما هو معلوم من التعنيف ما لم تنله الوزيرات الست الأخريات، و كل ذلك لم يزعج الوزيرة، بل واجهت كل ما كيل لها بصبر وثبات حتى مرت السحابة وهدأت الزوبعة وعادت الأمور إلى نصابها، ومن ثم عاد محررو بعض الجرائد الذين كانوا بالأمس يقولون فيها أكثر بكثير مما قاله مالك في الخمر، فمنهم على سبيل المثال لا الحصر من عاب عليها إنكار اسمها الحقيقي الذي هو السعدية، وفي نظري هؤلاء لم يكن الحق في صفهم، لأن العادة جرت بين معشر الفنانين، لما يقدمون على الولوج إلى عالم الفن، أول ما يفكرون فيه بتمل هو وقع الاسم على أسماع المتلقين، لهذا يتخذون من الأسماء ما يجعل صيتهم يعرف الانتشار الواسع ويترسخ في أذهان الناس، ولنا في بعض الفنانين الآتية أسماؤهم البرهان الدامغ على صحة ما نحن بصدد الحديث عنه، ف.عبد الوهاب الدكالي عميد الأغنية المغربية والذي أعطى الكثير، قبل دخوله إلى مجال الأغنية كان اسمه عبد الوهاب بوكرن، وعبد المنعم الجامعي، هو الآخر كان اسمه أحمد بلفقيه، وعمر التلباني الشاعر الغنائي الذي أبدع في كتابة أغاني " سوق البشرية و اللـه حي وياأعز الناس " وغيرها من الروائع التي تغنى بها عبد الوهاب الدكالي وغيره من الفنانين المغاربة في شتى المناسبات، فاسمه هو عمر دنون .. هذا بالنسبة للفنانين المغاربة، ومثلهم في ذلك مثل الفنانين العرب الآخرين، حيث نجد اسم كوكب الشرق أم كلثوم الحقيقي هو فاطمة إبراهيم، ووديع الصافي كان اسمه وديع فرنسيس، أما نور الشريف فكان يحمل اسم محمد جابر محمد عبد اللـه، كما أن معالي زايد اسمها الحقيقي هو معالي عبد اللـه أحمد الميناوي، وعبد الحليم حافظ هو عبد الحليم شبانة، وكذلك مدحت صالح، فاسمه الحقيقي هو محمد محمود صالح وهبة، وبوسي قبل امتهانها الفن كانت تسمى صافيناز مصطفى قدري، وهكذا دواليك، وغيرهم كثير ولا يسمح المجال لسرد كل الأسماء .. ومنهم أيضا من أنكر عليها ( على ثريا ) احترافيتها في المسرح ووصفها بالمهرجة و" الحلايقية " وغير ذلك من الأوصاف التي من شأنها أن تلحق الضرر بالمعنية بالأمر.أما إعلامنا العمومي الرسمي فبدوره لم يرد أن تفوته المناسبة وأراد من جهته أن يقوم بالواجب مع ثريا جبران، فبعد هدوء العاصفة وسكوت كل المهللين والمنتقدين وحتى نسيان الأمر من طرف الغاضبين الذين لم يرقهم التعيين في حد ذاته، أوالذين لم تعجبهم إناطة مهمة وزيرة الثقافة لزميلتهم في الركح، شرعت القناة الثانية في بث سلسلة " الهدرة عليك " التي لعبت دور البطولة فيها الممثلة/ الوزيرة قبل حملها للحقيبة، وهنا قفزإلى ذهني سؤال مفاده: لماذا إعادة هذه السلسة بالضبط في هذا الوقت، ولنفرض إن كان لابد من الإعادة لملأ الفراغ ..؟ فالمعنى على من ؟ وما الداعي الى تقليب المواجع ..؟
و للاشارة، إن خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة هو الآخر لم يعجبه أن يرى عضوة في الحكومة التي ينطق باسمها رسميا وهي تلعب في إحدى المسرحيات دور " صبانة " الشيء الذي دفعه - وهذه سابقة في حياة الحكومات المغربية - خلال مجلس للحكومة إلى اقتراح حذف السلسلة المذكورة، خوفا من ما قد تلحقه زميلته وهي (تمثل) من ضرر إلى الأداء الحكومي الذي( كان) كل أعضاء الحكومة يراهنون عليه أن يكون أداء في المستوى الذي يحقق تطلعات الشعب المغربي.
وبعد هذه الموجة العارمة، عاد المحررون وكل المنتقدون إلى صوابهم وغيروا آراءهم، وأخذوا في إجراء الصلح مع السيدة الوزيرة/ الفنانة، بطريقة غير مباشرة، وذلك لحاجة في نفوسهم .. فأخذ كل واحد من جهته في سرد مناقبها وما يميزها عن الآخرين في الساحة الفنية .. ومنهم من ذكر بشجاعتها وجرأتها، كما استشهد البعض بالنار التي كان لسان ثريا يطلقها علانية على المخزن، أيام وقوفها على خشبة المسرح، مذكرا بالأعمال التي قدمتها، مثنيا على نضالها في الميدان الفني وما تسديه من خدمات للصالح العام عبر جمعيات ونوادي و .. و .. الخ، و منهم من تنبأ للثقافة بالازدهار والتقدم في عهد الوزيرة المعينة حديثا .. وجموع أخرى من الغاضبين شهدت أن ميدان الثقافة عرف في عهد ثريا جبران انتعاشا كبيرا، بحيث - دائما على لسان منتفضي الأمس- عاد الاعتبار إلى الفنان المغربي، وشهدت الساحة أيضا حدثا فنيا متميزا تمثل في توزيع بطاقة الفنان التي طالما ناضلت أمة الفنانين من أجل الحصول عليها خلال فترات سابقة تحت وصاية وزراء سابقون، دون الوصول إلى المبتغى.ثم أن هناك ثناء آخر ترجم سعادة الفنانين وابتهاجهم على ما تحقق في عهد الوزيرة ثريا/ السعدية والمتمثل في استفادة أكثر من 30 فرقة مسرحية من الدعم الذي ترصده وزارة الثقافة، كما فسح المجال لتنظم الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للمسرح، وسجل المغرب الحضور اللافت في مختلف المهرجانات العربية.

وهكذا .. وبعد مرور فترة وجيزة من الزمن، تغيرت الآراء والعقليات تجاه ثريا جبران، ولم يعد أحد ينكر عليها ثقافتها وقدرتها على تدبير شؤون وزارة الثقافة، ولا من يوجه لها أصبع الاتهام بأنها أمية في السياسة، أو أنها ليست في مستوى المسؤولية التي أنيطت بها، ولكن بقي سر هذا التقلب في علم الغيب، ما دام أن منوهي اليوم هم ذاتهم معاتبي ومنتفضي الأمس، وفي هذه الحالة لايسعني إلا أن أقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، حتى لاأكون من الذين قالوا ما قالوا في ثريا بالأمس وغيروا رأيهم اليوم دون معرفة السبب، ولساني يردد: " لماذا مثلا شنت هذه الحملة على ثريا جبران بعد استوزارها، ولم تشن عليها قبل ذلك ..؟ " والجواب لامحالة يكون في حوزة الذين تجندوا مؤخرا للدفاع عن مابذلته سعادة الوزيرة من مجهودات جبارة لإسعاد الجماهير الفنية بالبلاد ..! وتحضرني اللحظة قولة رابعة العدوية إمامة العاشقين والمحزونين وشهيدة العشق الإلهي التي قالت فيها :" يارب لو كنت أعبدك مخافة النار فاحرقني بها .. ولو كنت أطمع في الجنة فاحرمني منها .. وان كنت لاأعبدك الا لوجهك فلا تحرمني مشاهدته " وبدوري أقول ل. كل المنوهين الذين غيروا آراءهم في خرجاتهم الإعلامية الأخيرة، ل.كل الضالعين في علم المدح والقدح، إن كنتم تتعاملون مع الشخصيات النافدة طمعا في كرمها وما تجود به عليكم، فهذه حقا مهزلة وحسبكم اللـه وجعلكم عبرة في مزبلة التاريخ، واعلموا أنكم لستم في مستوى الرسالة الإعلامية النبيلة التي أنيطت بكم، بحيث اتخذتم مهنة الصحافة كسيف ذو حدين بوسعها أن ترفع من أرادت وترسل إلى الهاوية من شاءت .. وقانا المولى عز وجل من شروركم، وكفاكم من تجهيز النعوش بين كل عشية وضحاها.

05 فبراير 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق