الاثنين، 8 نوفمبر 2010

الخياري يغتاب الناصري ..!" في برنامج كوميديا شو"قال اللـه تعالى ﴿ ولا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ هذا نهي صريح عن الاعتداء على شخصية الآخر.. بالتحدث عنه بما يسيء إليه ويشوه سمعته، وهو ما يسمى بالغيبة، هذه الغيبة التي تعد عملا محرما، وهي من كبائر الذنوب، لهذا يلزم من يقوم بها ويفعلها أن ينتظرالعذاب الشديد، والآية الكريمة المشار إليها أعلاه تؤكد ذلك، لأن من يغتب غيره يشبه ذاك الذي يأكل لحم أخيه ميتا، ورذيلة الغيبة لاتقل عن النميمة خطرا، بل أشد منها ضررا، لأنها تحبط الأعمال وتأكل الحسـنات، وهي غزو لسرية الآخر، كما أنها تفسـد المجالس وتقضي على الأخضر واليابس، وتؤدي بمماسها إلى الدرك الأسـفل من النار ..وقد قال فيها رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم: أتدرون ماالغيبة ؟ قالوا اللـه ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره : قيل أفرايت إن كان فى أخى ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ماتقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهتة (أى ظلمته بالباطل وأفتريت عليه الكذب )

وعليه فان الذي يذكر أسرار الآخرين في غيبتهم، يعد نماما، والنمام كذاب، مغتاب، خائن للسر، مفسد .. يحب الشر للناس، وهو شؤم لا تنزل الرحمة على قوم هو بين ظهرانيهم، والدليل ما جاء في الإحياء "ج 3 ص 35" عن كعب الأحبار أن بنى إسرائيل أصيبوا بقحط .. فاستسقى موسى - عليه السلام - مرات، فما سقاهم اللـه، فأوحى إليه أن السبب هو وجود نمَّام معهم، فقال موسى: ومن هو يا رب حتى أخرجه ؟ فقال: يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نماما .. - و اللـه أعلم بصحة هذا الخبر-.

وسبب هذه المقدمة الطويلة أوالمملة كما يراها بعضهم، أصحاب الرؤى الضائعة والمفاهيم المغلوطة، هو الفعل المشين الذي قام به الممثل محمد الخياري مؤخرا عندما نزل ضيفا على الحلقة الأولى من برنامج " كوميديا شو" الذي أصبحت تبثه القناة الأولى يوم الجمعة الأخير من كل شهر، بينما كان صاحبنا يحاول دفع الجمهور المتواجد بالأستوديو، والمشاهدين في منازلهم إلى الضحك، وفي مجرى حديثه مع المنشط رشيد الإدريسي سمح للسانه أن يغتاب أحد زملائه في المهنة .. بحيث أعلن للملأ بأن أشهر فنان مغربي يتقن " الشخير " هو سعيد الناصري، ولم يقف عند هذا الحد، بل عدد الصفات التي يكون عليها الناصري وهو في وضع النائم، والحقيقة أن هذا الهجوم على زميل في المهنة لايمت للإنسانية ولا للمهنية بصلة، بيد أنه كان من واجب الخياري أن يلتزم باحترام زميله، وخصوصا في غيابه، لأن العلاقات الإنسانية تنبني على الاحترام، الذي يعد قيمة معنوية حضارية يحث عليها الدين الحنيف، ومن ضمن هذا طبعا احترام الزميل لزميله، ولو لا هذا العنصر لاندلعت المشاكل بين الناس، وانتشرت العداوة والبغداء في كل مكان، مما يفسد الحياة، وهذا ما يوحي لي بأن أطرح على السي محمد الأسئلة التالية: هل يحق لزميل أن يغتاب زميله، وهل من حقه أن يفشي سره للرأي العام من أجل الظفر بضحكات مصطنعة من طرف المشاهدين المغاربة الذين أصبح من الصعب إضحاكهم، - في غياب فكاهيين متمكنين طبعا - وهل تدفع الوقاحة بعض الفنانين إلى اتخاذ زملائهم أداة للسخرية ..؟ وهل .. وهل.. ؟؟! وهل يقبل السي محمد بان يتخذه أحد زملائه وسيلة لإضحاك الجمهور ؟.

وقد يبدو مما سيأتي أن ملاحظاتي هاته تخالف آراء بعض الذين لايعجبهم النقد .. المتفرجين داخل الأستوديو، الذين يجندون خصيصا للتصفيق بالمناسبة وبغيرها .. وحتى المنشط، أجل .. هؤلاء جميعهم لم يفطنوا بما قاموا به من أفعال منهى عنها، ولم يعملوا بقول سيد البرية عليه الصلاة والسلام، حين قال : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، بحيث انخرط الجميع في الضحك مستمتعين بالصورة المشينة التي وضع فيها الخياري زميله سعيد الناصري، مع ما واكب ذلك من تصفيقات حارة توحي بتشجيعه وكأنه قدم شيئا نادرا يستحق عليه التشجيع والتنويه، بينما استأسد الضيف وأطلق العنان للسانه مسترسلا في تشويه صورة زميل له في الحرفة في عيون المعجبين به ومحبيه، ناسيا أن هذا اللسان يمكن أن يرتقي به الإنسان إلى أعلى الدرجات، ويمكن أن ينزل به إلى أسفل الدركات، ولهذه الغاية فقد بين اللـه تعالى على لسان رسوله صلى اللـه عليه وسلم بعض وظائف اللسان المشروعة، يقول اللـه عز وجل في كتابه الكريم: ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ للإنسان عَدُوًّا مُبِينًا ) فأمر بالكلام الطيب الذي هو أحسن، وقال تعالى: (
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ).. أي: تكلموا مع الناس بأفضل الكلام، أو اصمتوا خيرا لكم .
عندما تجرأت وقررت تناول هذا الموضوع لأبدي رأيي في الواقعة، لم أكن أرمي من وراء ذلك، لا الدفاع عن الناصري، ولا توجيه اللوم الى الخياري على تهوره، إنما وجدت أن هنالك ما يجلب الانتباه، ويثير التساؤلات، حول العلاقات التي يجب أن تربط الفنانين مع بعضهم البعض في هذا البلد الأمين، لأن الفن والثقافة قيمة إنسانية أولا وقبل كل شيء، وهما الإرادة الفاعلة والفعالة للمجتمع، لأنهما يحملان ويستقطبان كل الطاقات المبدعة التي تستطيع خدمة المجتمع، ولهذا وجب التذكير بالتحلي بالأخلاق الحميدة، حتى يستطيع الجميع الرقي بفن بلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة، لا اتخاذ زملاء المهنة وصلة للتسلية والاستهزاء، ولايسعني في ختام هذه الإشارة المتواضعة إلا أن أقول واللـه الهادي إلى سواء السبيل.
06 ابريل 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق